responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 8  صفحه : 26
ذِكْرُ أَحْوَالِ مُلُوكِ الرُّومِ
نَذْكُرُ هَاهُنَا أَحْوَالَ الرُّومِ مِنْ عَهْدِ بَسِيلَ إِلَى الْآنَ، فَنَقُول ُ: مِنْ عَادَةِ مُلُوكِ الرُّومِ أَنْ يَرْكَبُوا أَيَّامَ الْأَعْيَادِ إِلَى الْبِيعَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِذَلِكَ الْعِيدِ، فَإِذَا اجْتَازَ الْمَلِكُ بِالْأَسْوَاقِ شَاهَهُ النَّاسُ وَبِأَيْدِيهِمُ الْمَدَاخِنُ يُبَخِّرُونَ فِيهَا، فَرَكِبَ وَالِدُ بَسِيلَ وَقُسْطَنْطِينَ فِي بَعْضِ الْأَعْيَادِ، وَكَانَ لِبَعْضِ أَكَابِرِ الرُّومِ بِنْتٌ جَمِيلَةٌ، فَخَرَجَتْ تُشَاهِدُ الْمَلِكَ، فَلَمَّا مَرَّ بِهَا اسْتَحْسَنَهَا، فَأَمَرَ مَنْ يَسْأَلُ عَنْهَا، فَلَمَّا عَرَفَهَا خَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَحَبَّهَا، وَوَلَدَتْ مِنْهُ بَسِيلَ وَقُسْطَنْطِينَ، وَتُوُفِّيَ وَهُمَا صَغِيرَانِ، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ نِقْفُورَ، فَكَرِهَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، فَعَمِلَتْ عَلَى قَتْلِهِ، فَرَاسَلَتِ الشَّمْشَقِيقَ فِي ذَلِكَ، فَقَصَدَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ مُتَخَفِّيًا، فَأَدْخَلَتْهُ إِلَى دَارِ الْمَلِكِ، وَاتَّفَقَا وَقَتَلَاهُ لَيْلًا، وَأَحْضَرَتِ الْبَطَارِقَةَ مُتَفَرِّقِينَ وَأَعْطَتْهُمُ الْأَمْوَالَ وَدَعَتْهُمْ إِلَى تَمْلِيكِ الشَّمْشَقِيقِ، فَفَعَلُوا، وَلَمْ يُصْبِحْ وَقَدْ فَرَغَتْ مِمَّا تُرِيدُ، وَلَمْ يَجْرِ خُلْفٌ.
وَتَزَوَّجَتِ الشَّمْشَقِيقَ وَأَقَامَتْ مَعَهُ سَنَةً، فَخَافَهَا وَاحْتَالَ عَلَيْهَا، وَأَخْرَجَهَا إِلَى دَيْرٍ بَعِيدٍ، وَحَمَلَ وَلَدَيْهَا مَعَهَا، فَأَقَامَتْ فِيهِ سَنَةً، ثُمَّ أَحْضَرَتْ رَاهِبًا، وَوَهَبَتْهُ مَالًا، وَأَمَرَتْهُ بِقَصْدِ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَالْمُقَامِ بِكَنِيسَةِ الْمَلِكِ، وَالِاقْتِصَارِ عَلَى قَدْرِ الْقُوتِ، فَإِذَا وَثِقَ بِهِ الْمَلِكُ، وَأَرَادَ الْقُرْبَانَ مِنْ يَدِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ سَقَاهُ سُمًّا، فَفَعَلَ الرَّاهِبُ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْعِيدِ سَارَتْ وَمَعَهَا وَلَدَاهَا، وَوَصَلَتْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ الشَّمْشَقِيقُ، فَمَلَكَ وَلَدُهَا بَسِيلُ، وَدَبَّرَتْ هِيَ الْأَمْرَ لِصِغَرِهِ، فَلَمَّا كَبِرَ بَسِيلُ قَصَدَ بَلَدَ الْبُلْغَارِ، وَتُوُفِّيَتْ وَهُوَ هُنَاكَ، فَبَلَغَهُ وَفَاتُهَا، فَأَمَرَ خَادِمًا لَهُ أَنْ يُدَبِّرَ الْأُمُورَ فِي غَيْبَتِهِ.
وَدَامَ قِتَالُهُ لِبُلْغَارَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَظَفِرُوا بِهِ، فَعَادَ مَهْزُومًا وَأَقَامَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ يَتَجَهَّزُ لِلْعَوْدِ، فَعَادَ إِلَيْهِمْ، فَظَفِرَ بِهِمْ وَقَتَلَ مَلِكَهُمْ، وَسَبَى أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ، وَمَلَكَ بِلَادَهُ، وَنَقَلَ أَهْلَهَا إِلَى الرُّومِ، وَأَسْكَنَ الْبِلَادَ طَائِفَةً مِنَ الرُّومِ، وَهَؤُلَاءِ الْبُلْغَارُ غَيْرُ الطَّائِفَةِ الْمُسْلِمَةِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَقْرَبُ إِلَى بَلَدِ الرُّومِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ، وَكِلَاهُمَا يُسَمَّى بُلْغَارَ.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 8  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست