responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 8  صفحه : 13
إِلَى سَرَخْسَ، وَكُلَّمَا تَبِعَ السَّلْجُوقِيَّةَ إِلَى مَكَانٍ سَارُوا مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، فَأَدْرَكَهُمُ الشِّتَاءُ، فَأَقَامُوا بِنَيْسَابُورَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبِيعَ، فَلَمَّا جَاءَ الرَّبِيعُ كَانَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ مَشْغُولًا بِلَهْوِهِ وَشُرْبِهِ، فَتَقَضَّى الرَّبِيعُ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَلَمَّا جَاءَ الصَّيْفُ عَاتَبَهُ وُزَرَاؤُهُ وَخَوَاصُّهُ عَلَى إِهْمَالِهِ أَمْرَ عَدُوِّهِ، فَسَارَ مِنْ نَيْسَابُورَ إِلَى مَرْوَ يَطْلُبُ السَّلْجُوقِيَّةَ، فَدَخَلُوا الْبَرِّيَّةَ، فَدَخَلَهَا وَرَاءَهُمْ مَرْحَلَتَيْنِ وَالْعَسْكَرُ الَّذِي لَهُ قَدْ ضَجِرُوا مِنْ طُولِ سَفَرِهِمْ وَبِيكَارِهِمْ، وَسَئِمُوا الشَّدَّ وَالتَّرَحُّلَ، فَإِنَّهُمْ كَانَ لَهُمْ فِي السَّفَرِ نَحْوُ ثَلَاثِ سِنِينَ، بَعْضُهَا مَعَ سُبَاشِي، وَبَعْضُهَا مَعَ الْمَلِكِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْبَرِّيَّةَ نَزَلَ مَنْزِلًا قَلِيلَ الْمَاءِ، وَالْحَرُّ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَكْفِ الْمَاءُ لِلسُّلْطَانِ وَحَوَاشِيهِ.
وَكَانَ دَاوُدُ فِي مُعْظَمِ السَّلْجُوقِيَّةِ بِإِزَائِهِ، وَغَيْرُهُ مِنْ عَشِيرَتِهِ مُقَابِلَ سَاقَةِ عَسَاكِرِهِ، يَتَخَطَّفُونَ مَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ. فَاتَّفَقَ لِمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنَّ حَوَاشِيَ مَسْعُودٍ اخْتَصَمُوا هُمْ جَمْعٌ مِنَ الْعَسْكَرِ عَلَى الْمَاءِ وَازْدَحَمُوا، وَجَرَى بَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ، حَتَّى صَارَ بَعْضُهُمْ يُقَاتِلُ بَعْضًا، (وَبَعْضُهُمْ نَهَبَ بَعْضًا) فَاسْتَوْحَشَ لِذَلِكَ أَمْرُ الْعَسْكَرِ، وَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فِي التَّخَلِّي عَنْ مَسْعُودٍ، فَعَلِمَ دَاوُدُ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي ذَلِكَ التَّنَازُعِ وَالْقِتَالِ وَالنَّهْبِ، فَوَلَّوْا مُنْهَزِمِينَ لَا يَلْوِي أَوَّلٌ عَلَى آخَرَ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَالسُّلْطَانُ مَسْعُودٌ وَوَزِيرُهُ يُنَادِيَانِهِمْ، وَيَأْمُرَانِهِمْ بِالْعَوْدِ فَلَا يَرْجِعُونَ، وَتَمَّتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى الْعَسْكَرِ، وَثَبَتَ مَسْعُودٌ فَقِيلَ لَهُ: مَا تَنْتَظِرُ؟ قَدْ فَارَقَكَ أَصْحَابُكَ، وَأَنْتَ فِي بَرِّيَّةٍمُهْلِكَةٍ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ عَدُوٌّ، وَخَلْفَكَ عَدُوٌّ، وَلَا وَجْهَ لِلْمُقَامِ. فَمَضَى مُنْهَزِمًا وَمَعَهُ نَحْوُ مِائَةِ فَارِسٍ، فَتَبِعَهُ فَارِسٌ مِنَ السَّلْجُوقِيَّةِ فَعَطَفَ عَلَيْهِ مَسْعُودٌ فَقَتَلَهُ، وَصَارَ لَا يَقِفُ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى أَتَى غَرْشِسْتَانَ.
وَأَمَّا السَّلْجُوقِيَّةُ فَإِنَّهُمْ غَنِمُوا مِنَ الْعَسْكَرِ الْمَسْعُودِيِّ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِحْصَاءِ، وَقَسَّمَهُ دَاوُدُ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَآثَرَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، وَنَزَلَ فِي سُرَادِقِ مَسْعُودٍ وَقَعَدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَسْكَرُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَنْ ظُهُورِ دَوَابِّهِمْ، لَا يُفَارِقُونَهَا إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ لَهُمْ

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 8  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست