responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 7  صفحه : 349
الصَّوْتِ، ضَخْمَ الْجِسْمِ، أَفْقَمَ، وَكَانَ مُحِبًّا لِأَهْلِ الْعِلْمِ، عَالِمًا فَقِيهًا فِي الْمَذَاهِبِ، عَالِمًا بِالْأَنْسَابِ وَالتَّوَارِيخِ، جَمَّاعًا لِلْكُتُبِ وَالْعُلَمَاءِ، مُكْرِمًا لَهُمْ، مُحْسِنًا إِلَيْهِمْ، أَحْضَرَهُمْ مِنَ الْبُلْدَانِ الْبَعِيدَةِ لِيَسْتَفِيدَ مِنْهُمْ وَيُحْسِنَ إِلَيْهِمْ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ هِشَامٌ بِعَهْدِ أَبِيهِ، وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ، وَلُقِّبَ الْمُؤَيَّدَ بِاللَّهِ، وَاخْتَلَفَتِ الْبِلَادُ فِي أَيَّامِهِ، وَأُخِذَ وَحُبِسَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِمَارَةِ.
وَسَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ الْمُؤَيَّدُ تَحَجَّبَ لَهُ الْمَنْصُورُ أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْمَعَافِرِيُّ، وَابْنَاهُ الْمُظَفَّرُ وَالنَّاصِرُ، فَلَمَّا حَجَبَ لَهُ أَبُو عَامِرٍ حَجَبَهُ عَنِ النَّاسِ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَرَاهُ وَلَا يَصِلُ إِلَيْهِ، وَقَامَ بِأَمْرِ دَوْلَتِهِ الْقِيَامَ الْمَرْضِيَّ، وَعَدَلَ فِي الرَّعِيَّةِ، وَأَقْبَلَتِ الدُّنْيَا إِلَيْهِ، وَاشْتَغَلَ بِالْغَزْوِ، وَفَتَحَ مِنْ بِلَادِ الْأَعْدَاءِ كَثِيرًا، وَامْتَلَأَتْ بِلَادُ الْأَنْدَلُسِ بِالْغَنَائِمِ وَالرَّقِيقِ، وَجَعَلَ أَكْثَرَ جُنْدِهِ مِنْهُمْ كَوَاضِحٍ الْفَتَى وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَشْهُورِينَ، وَكَانُوا يُعْرَفُونَ بِالْعَامِرِيِّينَ.
(وَأَدَامَ اللَّهُ) لَهُ الْحَالَ سِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً، غَزَا فِيهَا اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ غَزَاةً مَا بَيْنَ صَائِفَةٍ وَشَاتِيَةٍ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ حَازِمًا، قَوِيَّ الْعَزْمِ، كَثِيرَ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، حَسَنَ السِّيَاسَةِ.
فَمِنْ مَحَاسِنِ أَعْمَالِهِ: أَنَّهُ دَخَلَ بِلَادَ الْفِرِنْجِ غَازِيًا، فَجَازَ الدَّرْبَ إِلَيْهَا، وَهُوَ مَضِيقٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، وَأَوْغَلَ فِي بِلَادِ الْفِرِنْجِ يَسْبِي، وَيُخَرِّبُ، وَيَغْنَمُ، فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ رَآهُمْ قَدْ سَدُّوا الدَّرْبَ وَهُمْ عَلَيْهِ يَحْفَظُونَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْمُقَامَ فِي بِلَادِهِمْ، وَشَرَعَ هُوَ وَعَسْكَرُهُ فِي عِمَارَةِ الْمَسَاكِنِ وَزَرْعِ الْغَلَّاتِ، وَأَحْضَرُوا الْحَطَبَ، وَالتِّبْنَ، وَالْمِيرَةَ، وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْا عَزْمَهُ عَلَى الْمُقَامِ مَالُوا إِلَى السِّلْمِ، فَرَاسَلُوهُ فِي تَرْكِ الْغَنَائِمِ وَالْجَوَازِ إِلَى بِلَادِهِ، فَقَالَ: أَنَا عَازِمٌ عَلَى الْمُقَامِ، فَتَرَكُوا لَهُ الْغَنَائِمَ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى الصُّلْحِ، فَبَذَلُوا لَهُ مَالًا، وَدَوَابَّ تَحْمِلُ لَهُ مَا غَنِمَهُ مِنْ بِلَادِهِمْ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى الصُّلْحِ، وَفَتَحُوا الدَّرْبَ، فَجَازَ إِلَى بِلَادِهِ.
وَكَانَ أَصْلُهُ مِنَ الْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ، وَوَرَدَ شَابًّا إِلَى قُرْطُبَةَ، طَالِبًا لِلْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَسَمَاعِ الْحَدِيثِ، فَبَرَعَ فِيهَا وَتَمَيَّزَ، ثُمَّ تَعَلَّقَ بِخِدْمَةِ صُبْحَ وَالِدَةِ الْمُؤَيَّدِ، وَعَظُمَ مَحَلُّهُ عِنْدَهَا، فَلَمَّا مَاتَ الْحَاكِمُ الْمُسْتَنْصِرُ كَانَ الْمُؤَيَّدُ صَغِيرًا، فَخِيفَ عَلَى الْمُلْكِ أَنْ يَخْتَلَّ، فَضَمِنَ لِصُبْحَ سُكُونَ الْبِلَادِ، وَزَوَالَ الْخَوْفِ، وَكَانَ قَوِيَّ النَّفْسِ، وَسَاعَدَتْهُ الْمَقَادِيرُ،

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 7  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست