responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 413
بِهِمْ، وَأَسَرَ مِنْهُمْ، وَقَتَلَ، وَعَادَ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ الْمُوَفَّقُ، وَإِلَى أَصْحَابِهِ.
وَصَارَ الزِّنْجُ بَعْدَ هَذِهِ الْوَقْعَةِ لَا يَنَامُونَ اللَّيْلَ، وَلَا يَزَالُونَ يَتَحَارَسُونَ لِلرُّعْبِ الَّذِي دَخَلَهُمْ، وَأَقَامَ الْمُوَفَّقُ يُنْفِذُ السَّرَايَا إِلَى الْخَبِيثِ، وَيَكِيدُهُ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُوتِ، وَأَصْحَابُ الْمُوَفَّقِ يَتَدَرَّبُونَ فِي سُلُوكِ تِلْكَ الْمَضَايِقِ الَّتِي فِي أَرْضِهِ وَيُوَسِّعُونَهَا.

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ الْمُوَفَّقِ عَلَى مَدِينَةِ الْخَبِيثِ الشَّرْقِيَّةِ
لَمَّا عَلِمَ الْمُوَفَّقُ أَنَّ أَصْحَابَهُ قَدْ تَمَرَّنُوا عَلَى سُلُوكِ تِلْكَ الْأَرْضِ وَعَرَفُوهَا، صَمَّمَ الْعَزْمَ عَلَى الْعُبُورِ إِلَى مُحَارَبَةِ الْخَبِيثِ مِنَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ نَهْرِ أَبِي الْخَصِيبِ، فَجَلَسَ مَجْلِسًا عَامًّا، وَأَحْضَرَ قُوَّادَ الْمُسْتَأْمِنَةِ، وَفُرْسَانَهُمْ، فَوَقَفُوا بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ كَلَامَهُ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ فَعَرَّفَهُمْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَالْجَهْلِ، وَانْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ، وَمَعْصِيَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ أَحَلَّ لَهُ دِمَاءَهُمْ، وَأَنَّهُ غَفَرَ لَهُمْ زَلَّتَهُمْ، وَوَصَلَهُمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ عَلَيْهِمْ حَقَّهُ، وَطَاعَتَهُ، وَأَنَّهُمْ لَنْ يُرْضُوا رَبَّهُمْ، وَسُلْطَانَهُمْ بِأَكْثَرَ مِنَ الْجِدِّ فِي مُجَاهَدَةِ الْخَبِيثِ، وَأَنَّهُمْ لَيَعْرِفُونِ مَسَالِكَ الْعَسْكَرِ، وَمَضَايِقَ مَدِينَتِهِ، وَمَعَاقِلَهَا الَّتِي أَعَدَّهَا، فَهُمْ أَوْلَى أَنْ يَجْتَهِدُوا فِي الْوُلُوجِ عَلَى الْخَبِيثِ، وَالْوُغُولِ إِلَى حُصُونِهِ، حَتَّى يُمَكِّنَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمُ الْإِحْسَانُ، وَالْمَزِيدُ، وَمَنْ قَصَّرَ مِنْهُمْ فَقَدْ أَسْقَطَ مَنْزِلَتَهُ وَحَالَهُ.
فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالدُّعَاءِ لَهُ، وَالِاعْتِرَافِ بِإِحْسَانِهِ، وَبِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْمُنَاصَحَةِ، وَالطَّاعَةِ، وَأَنَّهُمْ يَبْذُلُونَ دِمَاءَهُمْ فِي كُلِّ مَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْهُ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُفْرِدَهُمْ بِنَاحِيَةٍ لِيَظْهَرَ مِنْ نِكَايَتِهِمْ فِي الْعَدُوِّ مَا يَعْرِفُ بِهِ إِخْلَاصَهُمْ، وَطَاعَتَهُمْ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ، وَوَعَدَهُمْ، وَكَتَبَ فِي جَمْعِ السُّفُنِ، وَالْمَعَابِرِ مِنْ دِجْلَةَ، وَالْبَطِيحَةِ وَنَوَاحِيهَا لِيُضِيفَهَا إِلَى مَا فِي عَسْكَرِهِ، إِذْ كَانَ مَا عِنْدَهُ يَقْصُرُ عَنِ الْجَيْشِ لِكَثْرَتِهِ، وَأَحْصَى مَا فِي الشَّذَا، وَالسُّمَيْرِيَّاتِ، وَأَنْوَاعِ السُّفُنِ، فَكَانُوا زُهَاءَ عَشَرَةِ آلَافِ مَلَّاحٍ مِمَّنْ يَجْرِي عَلَيْهِ الرِّزْقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مُشَاهَرَةً، سِوَى سُفُنِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ الَّتِي يُحْمَلُ فِيهَا الْمِيرَةُ، وَيَرْكَبُهَا النَّاسُ فِي حَوَائِجِهِمْ، وَسِوَى مَا كَانَ لِكُلِّ قَائِدٍ مِنَ السُّمَيْرِيَّاتِ، وَالْحَرْبِيَّاتِ، وَالزَّوَارِيقِ.
فَلَمَّا تَكَامَلَتِ السُّفُنُ تَقَدَّمَ إِلَى ابْنِهِ أَبِي الْعَبَّاسِ، وَقُوَّادِهِ بِقَصْدِ مَدِينَةِ الْخَبِيثِ الشَّرْقِيَّةِ

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 413
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست