responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 404
مَوَاضِعَ عِدَّةٍ تَمْنَعُهُمْ عَنْ دُخُولِ الْمَدِينَةِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَرَأَى الْمُوَفَّقُ أَنْ يَجْعَلَ قَصْدَهُ لِطَمِّ الْخَنَادِقِ، وَالْأَنْهَارِ، وَالْمَوَاضِعِ الْمُغَوَّرَةِ، فَدَامَ ذَلِكَ، فَحَامَى عَنْهُ الْخُبَثَاءُ، وَدَامَتِ الْحَرْبُ، وَوَصَلَ إِلَى الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْقَتْلَى، وَالْجِرَاحِ أَمَرٌ عَظِيمٌ وَذَلِكَ لِتَقَارُبِ مَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ.
فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ الْأَمْرِ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ قَصَدَ لِإِحْرَاقِ دَارِ الْخَبِيثِ، وَالْهُجُومِ عَلَيْهَا مِنْ دِجْلَةَ، فَكَانَ يَعُوقُ عَنْ ذَلِكَ كَثْرَةُ مَا أَعَدَّ الْخَبِيثُ لَهَا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَالْحُمَاةِ عَنْ دَارِهِ، فَكَانَتِ الشَّذَا إِذَا قَرُبَتْ مِنْ قَصْرِهِ رُمِيَتْ مِنْ فَوْقِ الْقَصْرِ بِالسِّهَامِ، وَالْحِجَارَةِ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ وَالْمِقْلَاعِ، وَأُذِيبَ الرَّصَاصُ، وَأُفْرِغَ عَلَيْهِمْ، فَتَعَذَّرَ إِحْرَاقُهَا لِذَلِكَ، فَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ أَنْ تُسْقَفَ الشَّذَا بِالْأَخْشَابِ، وَيُعْمَلَ عَلَيْهَا الْجِبْسُ وَيُطْلَى بِالْأَدْوِيَةِ الَّتِي تَمْنَعُ النَّارَ مِنْ إِحْرَاقِهَا، فَفَرَغَ مِنْهَا، وَرَتَّبَ فِيهَا أَنْجَادَ أَصْحَابِهِ، وَمِنَ النَّفَّاطِينَ جَمْعًا كَثِيرًا.
وَاسْتَأْمَنَ إِلَى الْمُوَفَّقِ مُحَمَّدُ بْنُ سَمْعَانَ كَاتِبُ الْخَبِيثِ، وَكَانَ أَوْثَقَ أَصْحَابِهِ فِي نَفْسِهِ، وَكَانَ سَبَبُ اسْتِئْمَانِهِ أَنَّ الْخَبِيثَ أَطْلَعَهُ عَلَى أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى الْخَلَاصِ وَحْدَهُ بِغَيْرِ أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْ عَزْمِهِ أَرْسَلَ يَطْلُبُ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُ الْمُوَفَّقُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ خُرُوجِهِ أَنَّهُ كَانَ كَارِهًا لِصُحْبَةِ الْخَبِيثِ، مُطَّلِعًا عَلَى كُفْرِهِ وَسُوءِ بَاطِنِهِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ إِلَى الْآنَ فَفَارَقَهُ، وَكَانَ خُرُوجُهُ عَاشِرَ شَعْبَانَ.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ بَكَّرَ الْمُوَفَّقُ إِلَى مُحَارَبَةِ الْخُبَثَاءِ، فَأَمَرَ أَبَا الْعَبَّاسِ بِقَصْدِ دَارِ مُحَمَّدٍ الْكَرْنَابِيِّ، وَهِيَ بِإِزَاءِ دَارِ الْخَبِيثِ، وَإِحْرَاقِهَا، وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ قُوَّادِ الزَّنْجِ، لِيَشْغَلَهُمْ بِذَلِكَ عَنْ حِمَايَةِ دَارِ الْخَبِيثِ، وَأَمَرَ الْمُرَتَّبِينَ فِي الشَّذَا الْمَطْلِيَّةِ بِقَصْدِ دَارِ الْخَبِيثِ، وَإِحْرَاقِهَا، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَأَلْصَقُوا شَذَوَاتِهِمْ بِسُورِ قَصْرِهِ، وَحَارَبَهُمُ الْفَجَرَةُ أَشَدَّ حَرْبٍ، وَنَضَحُوهُمْ بِالنِّيرَانِ، فَلَمْ تَعْمَلْ شَيْئًا، وَأَحْرَقَ مِنَ الْقَصْرِ الرَّوَاشِينَ، وَالْأَبْنِيَةَ الْخَارِجَةَ، وَعَمِلَتِ النَّارُ فِيهَا، وَسَلِمَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الشَّذَا مِمَّا كَانَ الْخُبَثَاءُ يُرْسِلُونَهُ عَلَيْهِمْ بِالظِّلَالِ الَّتِي كَانَتْ فِي الشَّذَا، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَمْكِينِهِمْ مِنْ قَصْرِهِ.
وَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ الَّذِينَ فِي الشَّذَا بِالرُّجُوعِ، فَرَجَعُوا، فَأَخْرَجَ مَنْ كَانَ فِيهَا وَرَتَّبَ

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست