responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 330
وَكَانَ قَدِ ابْتَدَأَ بِهِ الْمَرَضُ، وَهُوَ عِلَّةُ الذَّرْبِ، فَنَزَلَتِ الْعَسَاكِرُ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ يَجِدُّوا فِي قِتَالِهَا لِغَيْبِهِ الْأَمِيرِ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُ نَزَلَ مُنْفَرِدًا لِشِدَّةِ مَرَضِهِ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ النَّوْمُ وَحَدَثَ بِهِ الْفَوَاقُ، وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الرَّأْيِ مِنَ الْعَسْكَرِ أَنْ يُوَلُّوا أَمْرَهُمْ أَبَا مُضَرَ بْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ عَبْدِ اللَّهِ لِيَحْفَظَ الْعَسَاكِرَ، وَالْأَمْوَالَ، وَالْخَزَائِنَ، إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى ابْنِهِ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَجَعَلُوا الْأَمِيرَ إِبْرَاهِيمَ فِي تَابُوتٍ، وَحَمَلُوهُ إِلَى أَفْرِيقِيَّةَ وَدَفَنُوهُ بِالْقَيْرَوَانِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَكَانَ عَاقِلًا، حَسَنَ السِّيرَةِ، مُحِبًّا لِلْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ، تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا يَمْلِكُ، وَوَقَفَ أَمْلَاكَهُ جَمِيعَهَا ; وَكَانَ لَهُ فِطْنَةٌ عَظِيمَةٌ بِإِظْهَارِ خَفَايَا الْعُمُلَاتِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَاجِرًا مِنْ أَهْلِ الْقَيْرَوَانِ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ صَالِحَةٌ عَفِيفَةٌ، فَاتَّصَلَ خَبَرُهَا بِوَزِيرِ الْأَمِيرِ إِبْرَاهِيمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمْ تُجِبْهُ، فَاشْتَدَّ غَرَامُهُ بِهَا، وَشَكَا حَالَهُ إِلَى عَجُوزٍ كَانَتْ تَغْشَاهُ، وَكَانَتْ أَيْضًا لَهَا مِنَ الْأَمِيرِ (مَنْزِلَةٌ، وَمِنْ وَالِدَتِهِ) مَنْزِلَةٌ كَبِيرَةٌ وَهِيَ مَوْصُوفَةٌ عِنْدَهُمْ بِالصَّلَاحِ، يَتَبَرَّكُونَ بِهَا، وَيَسْأَلُونَهَا الدُّعَاءَ، فَقَالَتْ لِلْوَزِيرِ:
أَنَا أَتَلَطَّفُ بِهَا، وَأَجْمَعُ بَيْنَكُمَا.
وَرَاحَتْ إِلَى بَيْتِ الْمَرْأَةِ، فَقَرَعَتِ الْبَابَ وَقَالَتْ: قَدْ أَصَابَ ثَوْبِي نَجَاسَةٌ أُرِيدُ تَطْهِيرَهَا ; فَخَرَجَتِ الْمَرْأَةُ وَلَقِيَتْهَا (فَرَحَّبَتْ بِهَا) وَأَدْخَلَتْهَا، وَطَهَّرَتْ ثَوْبَهَا، وَقَامَتِ الْعَجُوزُ تُصَلِّي، فَعَرَضَتِ الْمَرْأَةُ عَلَيْهَا الطَّعَامَ، فَقَالَتْ:
إِنِّي صَائِمَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنَ التَّرَدُّدِ إِلَيْكِ ; ثُمَّ صَارَتْ تَغْشَاهَا، ثُمَّ قَالَتْ لَهَا: عِنْدِي يَتِيمَةٌ أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَهَا إِلَى زَوْجِهَا، فَإِنْ خَفَّ عَلَيْكِ إِعَارَةُ حُلِيِّكِ أُجَمِّلُهَا بِهِ فَعَلْتُ.
وَأَحْضَرَتْ جَمِيعَ حُلِيِّهَا وَسَلَّمَتْهُ إِلَيْهَا، فَأَخَذَتْهُ الْعَجُوزُ وَانْصَرَفَتْ، وَغَابَتْ أَيَّامًا، وَجَاءَتْ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهَا: أَيْنَ الْحُلِيُّ؟ فَقَالَتْ: هُوَ عِنْدَ الْوَزِيرِ، عَبَرْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعِي فَأَخَذَهُ مِنِّي، وَقَالَ لَا يُسَلِّمُهُ إِلَّا إِلَيْكِ. فَتَنَازَعَتَا، وَخَرَجَتِ الْعَجُوزُ، وَجَاءَ التَّاجِرُ زَوْجُ الْمَرْأَةِ، فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَحَضَرَ دَارَ الْأَمِيرِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْبَرَهُ بِالْخَبَرِ، فَدَخَلَ الْأَمِيرُ إِلَى وَالِدَتِهِ، وَسَأَلَهَا عَنِ الْعَجُوزِ، فَقَالَتْ: هِيَ تَدْعُو لَكَ ; فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهَا لِيَتَبَرَّكَ بِهَا، فَأَحْضَرَتْهَا

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست