responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 257
يَوْمًا، وَكَانَ عُمْرُهُ كُلُّهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً.
وَكَانَ أَبْيَضَ، أَسْوَدَ الشَّعْرِ، كَثِيفَهُ، حَسَنَ الْعَيْنَيْنِ وَالْوَجْهِ، أَحْمَرَ الْوَجْنَتَيْنِ، حَسَنَ الْجِسْمِ طَوِيلًا ; وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِسُرُّ مَنْ رَأَى، وَكَانَ فَصِيحًا، فَمِنْ كَلَامِهِ لَمَّا سَارَ الْمُسْتَعِينُ إِلَى بَغْدَاذَ، وَقَدْ أَحْضَرَ جَمَاعَةً لِلرَّأْيِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَمَا تَنْظُرُونَ إِلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ الَّتِي ذَاعَ نِفَاقُهَا؟
الْهَمَجِ، الْعُصَاةِ، الْأَوْغَادِ الَّذِينَ لَا مِسْكَةَ بِهِمْ، وَلَا اخْتِيَارَ لَهُمْ، وَلَا تَمْيِيزَ مَعَهُمْ، قَدْ زَيَّنَ لَهُمْ تَقَحُّمَ الْخَطَأِ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ، فَهُمُ الْأَقَلُّونَ وَإِنْ كَثُرُوا، وَالْمُذَمُّونَ إِذَا ذُكِرُوا، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِقُوَّادِ الْجُيُوشِ، وَسَدِّ الثُّغُورِ، وَإِبْرَامِ الْأُمُورِ، وَتَدْبِيرِ الْأَقَالِيمِ إِلَّا رَجُلٌ قَدْ تَكَامَلَتْ فِيهِ خِصَالٌ أَرْبَعٌ: حَزْمٌ يَتَّقِي بِهِ عِنْدَ مَوَارِدِ الْأُمُورِ حَقَائِقَ مَصَادِرِهَا، وَعِلْمٌ يَحْجِزُهُ عَنِ التَّهَوُّرِ، وَالتَّغْرِيرِ فِي الْأَشْيَاءِ إِلَّا مَعَ إِمْكَانِ فُرْصَتِهَا، وَشَجَاعَةٌ لَا تَفُضُّهَا الْمُلِمَّاتُ مَعَ تَوَاتُرِ حَوَائِجِهَا، وُجُودٌ يُهَوِّنُ تَبْذِيرَ الْأَمْوَالِ عِنْدَ سُؤَالِهَا، وَسُرْعَةُ مُكَافَأَةِ الْإِحْسَانِ إِلَى صَالِحِ الْأَعْوَانِ، وَثِقَلُ الْوَطْأَةِ عَلَى أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْعُدْوَانِ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْحَوَادِثِ إِذْ لَا تُؤْمَنُ حَوَادِثُ الزَّمَانِ.
وَأَمَّا الِاثْنَتَانِ فَإِسْقَاطُ الْحِجَابِ عَنِ الرَّعِيَّةِ، وَالْحُكْمُ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ بِالسَّوِيَّةِ.
وَأَمَّا الْوَاحِدَةُ فَالتَّيَقُّظُ لِلْأُمُورِ، وَقَدِ اخْتَرْتُ لَهُمْ رَجُلًا مِنْ مَوَالِي أَحَدِهِمْ شَدِيدَ الشَّكِيمَةِ، مَاضِيَ الْعَزِيمَةِ، لَا تُبْطِرُهُ السَّرَّاءُ، وَلَا تُدْهِشُهُ الضَّرَّاءُ، وَلَا يَهَابُ مَا وَرَاءَهُ، وَلَا يَهُولُهُ مَا يَلْقَاهُ، فَهُوَ كَالْحَرِيشِ فِي أَصْلِ الْإِسْلَامِ إِنْ حُرِّكَ حَمَلَ، وَإِنْ نَهَشَ قَتَلَ، عُدَّتُهُ عَتِيدَةٌ، وَنِعْمَتُهُ شَدِيدَةٌ، يَلْقَى الْجَيْشَ فِي النَّفَرِ الْقَلِيلِ الْعَدِيدِ، بِقَلْبٍ أَشَدَّ مِنَ الْحَدِيدِ، طَالِبٌ لِلثَّأْرِ لَا تَفُلُّهُ الْعَسَاكِرُ، بَاسِلُ الْبَأْسِ، وَمُقْتَضِبُ الْأَنْفَاسِ، لَا يَعُوزُهُ مَا طَلَبَ، وَلَا يَفُوتُهُ مَنْ هَرَبَ، وَارِي الزِّنَادِ مُضْطَلِعُ الْعِمَادِ، لَا تُشْرِهُهُ الرَّغَائِبُ، وَلَا تُعْجِزُهُ

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 6  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست