responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 5  صفحه : 199
خُلُقًا، مَا لَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَأَشَدَّ احْتِمَالًا لِمَا يَكُونُ مِنْ عَبَثِ الصِّبْيَانِ، فَإِذَا لَبِسَ ثَوْبَهُ ارْبَدَّ لَوْنُهُ، وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا يَكُونُ.
وَقَالَ لِي يَوْمًا: يَا بُنَيَّ! إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ لَبِسْتُ ثِيَابِي، أَوْ رَجَعْتُ مِنْ مَجْلِسِي فَلَا يَدْنُوَنَّ مِنِّي مِنْكُمْ أَحَدٌ مَخَافَةَ أَنْ أَغُرَّهُ بِشَيْءٍ.
قَالَ: وَلَمْ يُرَ فِي دَارِ الْمَنْصُورِ لَهْوٌ، وَلَا شَيْءٌ يُشْبِهُ اللَّهْوَ وَاللَّعِبَ وَالْعَبَثَ، إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، رُئِيَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ وَقَدْ رَكِبَ رَاحِلَةً، وَهُوَ صَبِيٌّ، وَتَنَكَّبَ قَوْسًا فِي هَيْئَةِ الْغُلَامِ الْأَعْرَابِيِّ، بَيْنَ جُوَالِقَيْنِ فِيهِمَا مُقْلٍ وَمَسَاوِيكَ وَمَا يُهْدِيهِ الْأَعْرَابُ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْكَرُوهُ، فَعَبَرَ إِلَى الْمَهْدِيِّ بِالرُّصَافَةِ فَأَهْدَاهُ لَهُ، فَقَبِلَهُ وَمَلَأَ الْجُوَالِقَيْنِ دَرَاهِمَ، فَعَادَ بَيْنَهُمَا، فَعَلِمَ أَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ عَبَثِ الْمُلُوكِ.
قَالَ حَمَّادٌ التُّرْكِيُّ: كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى رَأْسِ الْمَنْصُورِ، فَسَمِعَ جَلَبَةً، فَقَالَ: انْظُرْ مَا هَذَا! فَذَهَبْتُ فَإِذَا خَادِمٌ لَهُ قَدْ جَلَسَ حَوْلَهُ الْجَوَارِي، وَهُوَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِالطُّنْبُورِ، وَهُنَّ يَضْحَكْنَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ الطُّنْبُورُ؟ ، فَوَصَفْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: مَا يُدْرِيكَ أَنْتَ مَا الطُّنْبُورُ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُهُ بِخُرَاسَانَ. فَقَامَ وَمَشَى إِلَيْهِنَّ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ تَفَرَّقْنَ، فَأَمَرَ بِالْخَادِمِ فَضُرِبَ رَأْسُهُ بِالطُّنْبُورِ، حَتَّى تَكَسَّرَ الطُّنْبُورُ، وَأَخْرَجَ الْخَادِمَ فَبَاعَهُ.
قَالَ: وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدِ اسْتَعْمَلَ مَعْنَ بْنَ زَائِدَةَ عَلَى الْيَمَنِ، لِمَا بَلَغَهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ هُنَاكَ، فَسَارَ إِلَيْهِ وَأَصْلَحَهُ، وَقَصَدَهُ النَّاسُ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ لِاشْتِهَارِ جُودِهِ، فَفَرَّقَ فِيهِمُ الْأَمْوَالَ، فَسَخِطَ عَلَيْهِ الْمَنْصُورُ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ وَفْدًا مِنْ قَوْمِهِ، فِيهِمْ مُجَّاعَةُ بْنُ الْأَزْهَرِ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الْمَنْصُورِ لِيُزِيلُوا غَيْظَهُ وَغَضَبَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمَنْصُورِ ابْتَدَأَ مُجَّاعَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَذِكْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَطْنَبَ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَجِبَ الْقَوْمُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَنْصُورَ وَمَا شَرَّفَهُ اللَّهُ بِهِ، وَذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبَهُ.
فَلَمَّا انْقَضَى كَلَامُهُ قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ حَمْدِ اللَّهِ، فَاللَّهُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تَبْلُغَهُ الصِّفَاتُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ فَضَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَكْثَرَ مِمَّا قُلْتَ، وَأَمَّا مَا

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 5  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست