responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 5  صفحه : 196
وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ شِدَّةِ غَضَبِ اللَّهِ لِسُلْطَانِهِ [أَنَّهُ] أَمَرَ فِي كِتَابِهِ بِتَضْعِيفِ الْعَذَابِ وَالْعِقَابِ عَلَى مَنْ سَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا مَعَ مَا ذَكَرَ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ فَقَالَ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33] الْآيَةَ.
فَالسُّلْطَانُ، يَا بُنَيَّ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَعُرْوَتُهُ الْوُثْقَى، وَدِينُهُ الْقَيِّمُ، فَاحْفَظْهُ، وَحَصِّنْهُ، وَذُبَّ عَنْهُ، وَأَوْقِعْ بِالْمُلْحِدِينَ فِيهِ، وَاقْمَعِ الْمَارِقِينَ مِنْهُ، وَاقْتُلِ الْخَارِجِينَ عَنْهُ بِالْعِقَابِ، وَلَا تُجَاوِزْ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي مُحْكَمِ الْقُرْآنِ، وَاحْكُمْ بِالْعَدْلِ، وَلَا تُشْطِطْ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْطَعُ لِلشَّغَبِ، وَأَحْسَمُ لِلْعَدُوِّ، وَأَنْجَعُ فِي الدَّوَاءِ.
وَعُفَّ عَنِ الْفَيْءِ، فَلَيْسَ بِكَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ مَعَ مَا خَلَفَهُ اللَّهُ لَكَ، وَافْتَتِحْ [عَمَلَكَ] بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَبِرِّ الْقَرَابَةِ، وَإِيَّاكَ وَالْأَثَرَةَ وَالتَّبْذِيرَ لِأَمْوَالِ الرَّعِيَّةِ، وَاشْحَنِ الثُّغُورَ، وَاضْبُطِ الْأَطْرَافَ، وَأَمِّنِ السُّبُلَ، وَسَكِّنِ الْعَامَّةَ، وَأَدْخِلِ الْمَرَافِقَ عَلَيْهِمْ، وَادْفَعِ الْمَكَارِهَ عَنْهُمْ.
وَأَعِدَّ الْأَمْوَالَ، وَاخْزُنْهَا، وَإِيَّاكَ وَالتَّبْذِيرَ، فَإِنَّ النَّوَائِبَ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ، وَهِيَ مِنْ شِيَمِ الزَّمَانِ.
وَأَعِدَّ الْكُرَاعَ وَالرِّجَالَ وَالْجُنْدَ مَا اسْتَطَعْتَ، وَإِيَّاكَ وَتَأْخِيرَ عَمَلِ الْيَوْمِ إِلَى الْغَدِ، فَتَتَدَارَكُ عَلَيْكَ الْأُمُورَ وَتَضِيعُ، جِدَّ فِي إِحْكَامِ الْأُمُورِ النَّازِلَاتِ لِأَوْقَاتِهَا أَوَّلًا [فَأَوَّلًا] ، وَاجْتَهِدْ وَشَمِّرْ فِيهَا.
وَأَعِدَّ رِجَالًا بِاللَّيْلِ لِمَعْرِفَةِ مَا يَكُونُ بِالنَّهَارِ، وَرِجَالًا بِالنَّهَارِ لِمَعْرِفَةِ مَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ، وَبَاشِرِ الْأُمُورَ بِنَفْسِكَ، وَلَا تَضْجَرْ، وَلَا تُكْسِلْ، وَاسْتَعْمِلْ حُسْنَ الظَّنِّ [بِرَبِّكَ] ، وَأَسِئَ الظَّنَّ بِعُمَّالِكَ وَكُتَّابِكَ.
وَخُذْ نَفْسَكَ بِالتَّيَقُّظِ، وَتَفَقَّدْ مَنْ تَثَبَّتَ عَلَى بَابِكَ، وَسَهِّلْ إِذْنَكَ لِلنَّاسِ، وَانْظُرْ فِي أَمْرِ النُّزَّاعِ إِلَيْكَ، وَوَكِّلْ بِهِمْ عَيْنًا غَيْرَ نَائِمَةٍ، وَنَفْسًا غَيْرَ لَاهِيَةٍ، وَلَا تَنَمْ، وَإِيَّاكَ، فَإِنَّ أَبَاكَ لَمْ يَنَمْ مُنْذُ وَلِيَ الْخِلَافَةَ، وَلَا دَخَلَ عَيْنَهُ الْغَمْضُ إِلَّا وَقَلْبُهُ مُسْتَيْقِظٌ. هَذِهِ وَصِيَّتِي إِلَيْكَ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكَ.
ثُمَّ وَدَّعَهُ وَبَكَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَجَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَسَاقَ الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَهُ، وَقَلَّدَهُ لِأَيَّامٍ خَلَتْ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 5  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست