responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 92
وَأَمَّا قَيْصَرُ، وَهُوَ هِرَقْلُ، فَإِنَّهُ قَبِلَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَخَاصِرَتِهِ، وَكَتَبَ إِلَى رَجُلٍ بِرُومِيَّةٍ كَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ يُخْبِرُهُ شَأْنَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ رُومِيَّةَ: إِنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُهُ لَا شَكَّ فِيهِ، فَاتَّبِعْهُ وَصَدِّقْهُ. فَجَمَعَ هِرَقْلُ بِطَارِقَةَ الرُّومِ فِي الدَّسْكَرَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُهَا، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ عِلِّيَةٍ، وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ لَهُمْ: قَدْ أَتَانِي كِتَابُ هَذَا الرَّجُلِ يَدْعُونِي إِلَى دِينِهِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ النَّبِيُّ الَّذِي نَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا، فَهَلُمَّ فَلْنَتْبَعْهُ وَنُصَدِّقْهُ فَتَسْلَمَ لَنَا دُنْيَانَا وَآخِرَتُنَا. فَنَخَرُوا نَخْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ ابْتَدَرُوا الْأَبْوَابَ لِيَخْرُجُوا، فَقَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ مَا قُلْتُ لِأَنْظُرَ كَيْفَ صَلَابَتُكُمْ فِي دِينِكُمْ، وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمْ مَا سَرَّنِي، فَسَجَدُوا لَهُ. وَانْطَلَقَ وَقَالَ لِدَحْيَةَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَكِنِّي أَخَافُ الرُّومَ عَلَى نَفْسِي، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاتَّبَعْتُهُ، فَاذْهَبْ إِلَى ضُغَاطِرَ الْأُسْقُفِّ الْأَعْظَمِ فِي الرُّومِ، وَاذْكُرْ لَهُ أَمْرَ صَاحِبِكَ، وَانْظُرْ مَا يَقُولُ لَكَ.
فَجَاءَ دِحْيَةُ وَأَخْبَرَهُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ ضُغَاطِرُ: وَاللَّهِ إِنَّ صَاحِبَكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، نَعْرِفُهُ بِصِفَتِهِ، وَنَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا. ثُمَّ أَخَذَ عَصَاهُ وَخَرَجَ عَلَى الرُّومِ وَهُمْ فِي الْكَنِيسَةِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، قَدْ جَاءَنَا كِتَابٌ مِنْ أَحْمَدَ يَدْعُونَا إِلَى اللَّهِ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ: فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ.
فَرَجَعَ دِحْيَةُ إِلَى هِرَقْلَ وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. قَالَ: قَدْ قُلْتُ: إِنَّا نَخَافُهُمْ عَلَى أَنْفُسِنَا. وَقَالَ قَيْصَرُ لِلرُّومِ: هَلُمُّوا نُعْطِيهِ الْجِزْيَةَ، فَأَبَوْا، فَقَالَ: نُعْطِيهِ أَرْضَ سُورِيَّةَ، وَهِيَ الشَّامُ، وَنُصَالِحُهُ، فَأَبَوْا، وَاسْتَدْعَى هِرَقْلُ أَبَا سُفْيَانَ، وَكَانَ بِالشَّامِ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ فِي الْهُدْنَةِ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَجْلَسَهُمْ هِرَقْلُ خَلْفَهُ، وَقَالَ: إِنِّي سَائِلُهُ، فَإِنَّ كَذِبَ فَكَذِّبُوهُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَوْلَا أَنْ يُؤْثَرَ عَنِّي الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ، قَالَ: فَصَغَّرْتُ لَهُ شَأْنَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِي وَقَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ أَوْسَطُنَا نَسَبًا. قَالَ: هَلْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَنْ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ لَهُ فِيكُمْ مِلْكٌ سَلَبْتُمُوهُ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْكُمْ؟ قُلْتُ: الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالْأَحْدَاثُ. قَالَ: فَهَلْ يُحِبُّهُ مَنْ يَتْبَعُهُ وَيَلْزَمُهُ، أَوْ يَقْلِيهِ وَيُفَارِقُهُ؟ قُلْتُ: مَا تَبِعَهُ رَجُلٌ فَفَارَقَهُ. قَالَ: فَكَيْفَ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ؟ قُلْتُ: سِجَالٌ، يُدَالُ عَلَيْنَا، وَنُدَالُ عَلَيْهِ. قَالَ: هَلْ يَغْدِرُ؟

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست