responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 67
مَا أَصَابَكَ. فَعَظُمَ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَلَاءُ، وَاشْتَدَّ الْخَوْفُ، وَأَتَاهُمْ عَدُوُّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، وَنَجَمَ النِّفَاقُ مِنْ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ، وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَوْمِ حَرْبٌ إِلَّا الرَّمْيُ بِالنَّبْلِ.
فَلَمَّا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالْحَارِثِ بْنِ عَوْفٍ الْمُرِّيِّ، قَائِدَيْ غَطَفَانَ، فَأَعْطَاهُمَا ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَا إِلَى ذَلِكَ، فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ تُحِبُّ أَنْ تَصْنَعَهُ، أَمْ شَيْءٌ أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ، أَوْ شَيْءٌ تَصْنَعُهُ لَنَا؟ قَالَ: بَلْ لَكُمْ، رَأَيْتُ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَكْسِرَ عَنْكُمْ شَوْكَتَهُمْ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: قَدْ كُنَّا نَحْنُ وَهُمْ عَلَى الشِّرْكِ، وَلَا يَطْمَعُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنَّا تَمْرَةً إِلَّا قِرًى أَوْ بَيْعًا، فَحِينَ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ نُعْطِيهِمْ أَمْوَالَنَا! مَا نُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ.
فَتَرَكَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثُمَّ إِنَّ فَوَارِسَ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْهُمْ: عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وَدٍّ أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ، وَنَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفِهْرِيُّ - خَرَجُوا عَلَى خُيُولِهِمْ، وَاجْتَازُوا بِبَنِي كِنَانَةَ وَقَالُوا: تَجَهَّزُوا لِلْحَرْبِ وَسَتَعْلَمُونَ مَنِ الْفُرْسَانُ. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وَدٍّ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا كَافِرًا، وَقَاتَلَ حَتَّى كَثُرَتِ الْجِرَاحُ فِيهِ، فَلَمْ يَشْهَدْ أُحُدًا وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ مُعْلِمًا حَتَّى يُعْرَفَ مَكَانُهُ، وَأَقْبَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى الْخَنْدَقِ، ثُمَّ تَيَمَّمُوا مَكَانًا ضَيِّقًا فَاقْتَحَمُوهُ، فَجَالَتْ بِهِمْ خُيُولُهُمْ فِي السَّبْخَةِ بَيْنَ الْخَنْدَقِ وَسَلْعٍ.
وَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذُوا عَلَيْهِمُ الثَّغْرَةَ، وَكَانَ عَمْرٌو قَدْ خَرَجَ مُعْلِمًا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا عَمْرُو، إِنَّكَ عَاهَدْتَ أَنْ لَا يَدْعُوكَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى خَصْلَتَيْنِ إِلَّا أَخَذْتَ إِحْدَاهُمَا؟ قَالَ: أَجَلْ. قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَالْإِسْلَامِ. قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ. قَالَ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى النِّزَالِ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ. فَحَمِيَ عَمْرٌو عِنْدَ ذَلِكَ، فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ، فَتَجَاوَلَا، وَقَتَلَهُ عَلِيٌّ، وَخَرَجَتْ خَيْلُهُمْ مُنْهَزِمَةً، وَقُتِلَ مَعَ عَمْرٍو رَجُلَانِ، قَتَلَ عَلِيٌّ أَحَدَهُمَا، وَأَصَابَ آخَرَ سَهْمٌ، فَمَاتَ مِنْهُ بِمَكَّةَ.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست