responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 567
حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الثَّالِثُ مِنْ مَقْتَلِ عُثْمَانَ فِي صَفَرٍ، دَعَا مُعَاوِيَةُ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْسٍ، يُدْعَى قَبِيصَةَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ طُومَارًا مَخْتُومًا عُنْوَانُهُ: مِنْ مُعَاوِيَةَ إِلَى عَلِيٍّ، وَقَالَ لَهُ: إِذَا دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ فَاقْبِضْ عَلَى أَسْفَلِ الطُّومَارِ، ثُمَّ أَوْصَاهُ بِمَا يَقُولُ، وَأَعَادَ رَسُولَ عَلِيٍّ مَعَهُ. فَخَرَجَا فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَدَخَلَهَا الْعَبْسِيُّ كَمَا أَمَرَهُ قَدْ رَفَعَ الطُّومَارُ، فَتَبِعَهُ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَعَلِمُوا أَنَّ مُعَاوِيَةَ مُعْتَرِضٌ، وَدَخْلَ الرَّسُولُ عَلَى عَلِيٍّ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الطُّومَارَ، فَفَضَّ خَتْمَهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ كِتَابًا. فَقَالَ لِلرَّسُولِ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: آمِنٌ أَنَا؟ قَالَ: نَعَمٌ، إِنَّ الرَّسُولَ لَا يُقْتَلُ. قَالَ: وَرَائِي أَنِّي تَرَكْتُ قَوْمًا لَا يَرْضَوْنَ إِلَّا بِالْقَوَدِ. قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنْ خَيْطِ رَقَبَتِكَ. وَتَرَكْتُ سِتِّينَ أَلْفَ شَيْخٍ تَبْكِي تَحْتَ قَمِيصِ عُثْمَانَ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ لَهُمْ قَدْ أَلْبَسُوهُ مِنْبَرَ دِمَشْقَ. قَالَ: أَمِنِّي يَطْلُبُونَ دَمَ عُثْمَانَ، أَلَسْتُ مَوْتُورًا كَتِرَةِ عُثْمَانَ؟ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ! نَجَا وَاللَّهِ قَتَلَةُ عُثْمَانَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَمْرًا أَصَابَهُ، اخْرُجْ. قَالَ: وَأَنَا آمِنٌ؟ قَالَ: وَأَنْتَ آمِنٌ.
فَخَرَجَ الْعَبْسِيُّ، وَصَاحَتِ السَّبَئِيَّةُ وَقَالَتْ: هَذَا الْكَلْبُ رَسُولُ الْكِلَابِ، اقْتُلُوهُ! فَنَادَى: يَا آلَ مُضَرَ يَا آلَ قَيْسٍ! الْخَيْلَ وَالنَّبْلَ! أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَيَرُدَّنَّهَا عَلَيْكُمْ أَرْبَعَةُ آلَافِ خَصِيٍّ، فَانْظُرُوا كَمِ الْفُحُولُ وَالرِّكَابُ! وَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ، فَمَنَعَتْهُ مُضَرُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: اسْكُتْ، فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ لَا يُفْلِحُ هَؤُلَاءِ أَبَدًا، أَتَاهُمْ مَا يُوعَدُونَ، لَقَدْ حَلَّ بِهِمْ مَا يَحْذَرُونَ، انْتَهَتْ وَاللَّهِ أَعْمَالُهُمْ وَذَهَبَتْ رِيحُهُمْ، فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَوْا حَتَّى عُرِفَ الذُّلُّ فِيهِمْ.
وَأَحَبَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنْ يَعْلَمُوا رَأْيَ عَلِيٍّ فِي مُعَاوِيَةَ وَقِتَالِهِ أَهْلَ الْقِبْلَةِ، أَيَجْسُرُ عَلَيْهِ أَمْ يَنْكُلُ عَنْهُ؟ وَقَدْ بَلَغَهُمْ أَنَّ ابْنَهُ الْحَسَنَ دَعَاهُ إِلَى الْقُعُودِ وَتَرْكِ النَّاسِ، فَدَسُّوا زِيَادَ بْنَ حَنْظَلَةَ التَّمِيمِيَّ، وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى عَلِيٍّ فَجَلَسَ إِلَيْهِ سَاعَةً، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا زِيَادَ تَيَسَّرْ، فَقَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: لِغَزْوِ الشَّامِ. فَقَالَ زِيَادٌ: الْأَنَاةُ وَالرِّفْقُ أَمْثَلُ، وَقَالَ:
وَمَنْ لَمْ يُصَانِعْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُوطَأْ بِمَنْسِمِ
فَتَمَثَّلَ عَلِيٌّ وَكَأَنَّهُ لَا يُرِيدُهُ:

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 567
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست