responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 540
بَغَى ثُمَّ قَاتَلَ عَلَى بَغْيِهِ، وَقَتْلَ مَنْ حَالَ دُونَ شَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ وَمَنَعَهُ وَقَاتَلَ دُونَهُ، وَقَدْ تَمَسَّكْتَ بِالْإِمَارَةِ عَلَيْنَا، فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ لَمْ تُكَابِرْنَا عَلَيْهِ فَإِنَّ الَّذِينَ قَامُوا دُونَكَ وَمَنَعُوكَ مِنَّا إِنَّمَا يُقَاتِلُونَ لِتَمَسُّكٍ بِالْإِمَارَةِ، فَلَوْ خَلَعْتَ نَفْسَكَ لَانْصَرَفُوا عَنِ الْقِتَالِ مَعَكَ!
فَسَكَتَ عُثْمَانُ وَلَزِمَ الدَّارَ، وَأَمَرَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِالرُّجُوعِ وَأَقْسَمَ عَلَيْهِمْ، فَرَجَعُوا إِلَّا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَشْبَاهًا لَهُمْ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، فَكَانَتْ مُدَّةُ الْحِصَارِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا مَضَتْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً قَدِمَ رُكْبَانٌ مِنَ الْأَمْصَارِ، فَأَخْبَرُوا بِخَبَرِ مَنْ تَهَيَّأَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْجُنُودِ وَشَجَّعُوا النَّاسَ، فَعِنْدَهَا حَالُوا بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ عُثْمَانَ، وَمَنَعُوهُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْمَاءَ. فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ سِرًّا وَإِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُمْ قَدْ مَنَعُونِي الْمَاءَ، فَإِنْ قَدَرْتُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَيْنَا مَاءً فَافْعَلُوا. فَكَانَ أَوَّلَهُمْ إِجَابَةً عَلِيٌّ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَجَاءَ عَلِيٌّ فِي الْغَلَسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الَّذِي تَفْعَلُونَ لَا يُشْبِهُ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أَمْرَ الْكَافِرِينَ، فَلَا تَقْطَعُوا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الْمَاءَ وَلَا الْمَادَّةَ، فَإِنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ لَتَأْسِرُ فَتُطْعِمُ وَتَسْقِي! فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ وَلَا نُعْمَةَ عَيْنٍ! فَرَمَى بِعِمَامَتِهِ فِي الدَّارِ بِأَنِّي قَدْ نَهَضْتُ وَرَجَعْتُ، وَجَاءَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى إِدَاوَةٍ، فَضَرَبُوا وَجْهَ بَغْلَتِهَا فَقَالَتْ: إِنَّ وَصَايَا بَنِي أُمَيَّةَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا لِئَلَّا تَهْلِكَ أَمْوَالُ الْأَيْتَامِ وَالْأَرَامِلِ. فَقَالُوا: كَاذِبَةٌ، وَقَطَعُوا حَبْلَ الْبَغْلَةِ بِالسَّيْفِ، فَنَفَرَتْ وَكَادَتْ تَسْقُطُ عَنْهَا، فَتَلَقَّاهَا النَّاسُ فَأَخَذُوهَا وَذَهَبُوا بِهَا إِلَى بَيْتِهَا.
فَأَشْرَفَ عُثْمَانُ يَوْمًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اشْتَرَيْتُ بِئْرَ رُومَةَ بِمَالِي لِيُسْتَعْذَبَ بِهَا، فَجَعَلْتُ رِشَائِي فِيهَا كَرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَلِمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْهَا حَتَّى أُفْطِرَ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ؟ ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اشْتَرَيْتُ أَرْضَ كَذَا فَزِدْتُهَا فِي الْمَسْجِدِ؟ قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ أَحَدًا مُنِعَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَبْلِي؟ ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَنِّي كَذَا وَكَذَا؟ أَشْيَاءُ فِي شَأْنِهِ. فَفَشَا النَّهْيُ فِي النَّاسِ يَقُولُونَ: مَهْلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَامَ الْأَشْتَرُ فَقَالَ: لَعَلَّهُ مُكِرَ بِهِ وَبِكُمْ. وَخَرَجَتْ عَائِشَةُ إِلَى الْحَجِّ وَاسْتَتْبَعَتْ أَخَاهَا مُحَمَّدًا فَأَبَى، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ أَنْ يَحْرِمَهُمُ اللَّهُ مَا يُحَاوِلُونَ لَأَفْعَلَنَّ.
فَقَالَ لَهُ حَنْظَلَةُ الْكَاتِبُ: تَسْتَتْبِعُكَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا تَتْبَعُهَا، وَتَتْبَعُ ذُؤْبَانَ الْعَرَبِ إِلَى مَا [لَا] يَحِلُّ؟ وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ إِنْ صَارَ إِلَى التَّغَالُبِ غَلَبَكَ عَلَيْهِ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ. ثُمَّ رَجَعَ حَنْظَلَةُ إِلَى الْكُوفَةِ وَهُوَ يَقُولُ:

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 540
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست