responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 514
يَصْلُحُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَيْهِمْ، فَكَانَ اللَّهُ يَحُوطُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ، أَفَتَرَاهُ لَا يَحُوطُهُمْ وَهُمْ عَلَى دِينِهِ؟ أُفٍّ لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ!
أَمَّا أَنْتَ يَا صَعْصَعَةُ فَإِنَّ قَرْيَتَكَ شَرُّ الْقُرَى! أَنْتَنُهَا بَيْتًا، وَأَعْمَقُهَا وَادِيًا، وَأَعْرَفُهَا بِالشَّرِّ، وَأَلْأَمُهَا جِيرَانًا! لَمْ يَسْكُنْهَا شَرِيفٌ قَطُّ وَلَا وَضِيعٌ إِلَّا سُبَّ بِهَا، ثُمَّ كَانُوا أَلْأَمَ الْعَرَبِ أَلْقَابًا وَأَصْهَارًا، نُزَّاعُ الْأُمَمِ، وَأَنْتُمْ جِيرَانُ الْخَطِّ، وَفَعَلَةُ فَارِسَ، حَتَّى أَصَابَتْكُمْ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تَسْكُنِ الْبَحْرَيْنِ فَتُشْرِكَهُمْ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَنْتَ شَرُّ قَوْمِكَ، حَتَّى إِذَا أَبْرَزَكَ الْإِسْلَامُ وَخَلَطَكَ بِالنَّاسِ أَقْبَلْتَ تَبْغِي دِينَ اللَّهِ عِوَجًا، وَتَنْزِعُ إِلَى الذِّلَّةِ، وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ قُرَيْشًا وَلَا يَضَعُهُمْ، وَلَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ تَأْدِيَةِ مَا عَلَيْهِمْ، إِنَّ الشَّيْطَانَ عَنْكُمْ غَيْرُ غَافِلٍ، قَدْ عَرَفَكُمْ بِالشَّرِّ فَأَغْرَى بِكُمُ النَّاسَ، وَهُوَ صَارِعُكُمْ، وَلَا تُدْرِكُونَ بِالشَّرِّ أَمْرًا أَبَدًا إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شَرًّا مِنْهُ وَأَخْزَى.
ثُمَّ قَامَ وَتَرَكَهُمْ فَتَقَاصَرَتْ إِلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُمْ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَاذْهَبُوا حَيْثُ شِئْتُمْ لَا يَنْفَعُ اللَّهُ بِكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَلَا يَضُرُّهُ، وَلَا أَنْتُمْ بِرِجَالِ مَنْفَعَةٍ وَلَا مَضَرَّةٍ، فَإِنْ أَرَدْتُمُ النَّجَاةَ فَالْزَمُوا جَمَاعَتَكُمْ وَلَا يُبْطِرَنَّكُمُ الْإِنْعَامُ، فَإِنَّ الْبَطَرَ لَا يَعْتَرِي الْخِيَارَ، اذْهَبُوا حَيْثُ شِئْتُمْ فَسَأَكْتُبُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِيكُمْ.
فَلَمَّا خَرَجُوا دَعَاهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي مُعِيدٌ عَلَيْكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مَعْصُومًا فَوَلَّانِي وَأَدْخَلَنِي فِي أَمْرِهِ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ فَوَلَّانِي، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ فَوَلَّانِي، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ فَوَلَّانِي، وَلَمْ يُولِّنِي أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ، وَإِنَّمَا طَلَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَعْمَالِ أَهْلَ الْجَزَاءِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْغَنَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ ذُو سَطَوَاتٍ وَنَقَمَاتٍ يَمْكُرُ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ، فَلَا تَعْرِضُوا لِأَمْرٍ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ غَيْرَ مَا تُظْهِرُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ غَيْرُ تَارِكِكُمْ حَتَّى يَخْتَبِرَكُمْ وَيُبْدِيَ لِلنَّاسِ سَرَائِرَكُمْ.
وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ: إِنَّهُ قَدِمَ عَلَى أَقْوَامٍ لَيْسَتْ لَهُمْ عُقُولٌ وَلَا أَدْيَانٌ، أَضْجَرَهُمُ الْعَدْلُ، لَا يُرِيدُونَ اللَّهَ بِشَيْءٍ، وَلَا يَتَكَلَّمُونَ بِحُجَّةٍ، إِنَّمَا هَمُّهُمُ الْفِتْنَةُ وَأَمْوَالُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَاللَّهُ مُبْتَلِيهِمْ وَمُخْتَبِرُهُمْ ثُمَّ فَاضِحُهُمْ وَمُخْزِيهِمْ، وَلَيْسُوا بِالَّذِينَ يَنْكُونَ أَحَدًا إِلَّا مَعَ غَيْرِهِمْ، فَانْهَ سَعِيدًا وَمَنْ عِنْدَهُ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا لِأَكْثَرَ مِنْ شَغَبٍ وَنَكِيرٍ.
فَخَرَجُوا مِنْ دِمَشْقَ فَقَالُوا: لَا تَرْجِعُوا بِنَا إِلَى الْكُوفَةِ، فَإِنَّهُمْ يَشْمَتُونَ بِنَا، وَلَكِنْ مَيِّلُوا

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 514
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست