responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 484
الْأَعْذَارِ، لَا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلطَّعْنِ عَلَيْهِ، كَرِهْتُ ذِكْرَهَا.
وَأَمَّا الْعَاذِرُونَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَمَّا وَرَدَ ابْنُ السَّوْدَاءِ إِلَى الشَّامِ لَقِيَ أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: الْمَالُ مَالُ اللَّهِ! أَلَا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لِلَّهِ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجِبَهُ دُونَ النَّاسِ، وَيَمْحُوَ اسْمَ الْمُسْلِمِينَ. فَأَتَاهُ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ: مَا يَدْعُوكَ إِلَى أَنْ تُسَمِّيَ مَالَ الْمُسْلِمِينَ مَالَ اللَّهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا ذَرٍّ! أَلَسْنَا عِبَادَ اللَّهِ وَالْمَالُ مَالُهُ؟ قَالَ: فَلَا تَقُلْهُ. قَالَ: سَأَقُولُ مَالَ الْمُسْلِمِينَ. وَأَتَى ابْنُ السَّوْدَاءِ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ: أَظُنُّكَ [وَاللَّهِ] يَهُودِيًّا! فَأَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَتَعَلَّقَ بِهِ عُبَادَةُ وَأَتَى بِهِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي بَعَثَ عَلَيْكَ أَبَا ذَرٍّ.
وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ أَكْثَرُ مِنْ قُوتِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، أَوْ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ يُعِدُّهُ لِكَرِيمٍ، وَيَأْخُذُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] . فَكَانَ يَقُومُ بِالشَّامِ وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْأَغْنِيَاءِ وَاسُوا الْفُقَرَاءَ، بَشِّرِ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَكَاوٍ مِنْ نَارٍ تُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، فَمَا زَالَ حَتَّى وَلِعَ الْفُقَرَاءُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَوْجَبُوهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، وَشَكَا الْأَغْنِيَاءُ مَا يَلْقَوْنَ مِنْهُمْ. فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي جُنْحِ اللَّيْلِ فَأَنْفَقَهَا. فَلَمَّا صَلَّى مُعَاوِيَةُ الصُّبْحَ دَعَا رَسُولَهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقُلْ لَهُ: أَنْقِذْ جَسَدِي مِنْ عَذَابِ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ أَرْسَلَنِي إِلَى غَيْرِكَ وَإِنِّي أَخْطَأْتُ بِكَ. فَفَعَلَ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ: يَا بُنَيَّ قُلْ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَصْبَحَ عِنْدَنَا مِنْ دَنَانِيرِكَ دِينَارٌ وَلَكِنْ أَخِّرْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى نَجْمَعَهَا. فَلَمَّا رَأَى مُعَاوِيَةُ أَنَّ فِعْلَهُ يَصْدُقُ قَوْلَهُ كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ ضَيَّقَ عَلَيَّ، وَقَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، لِلَّذِي يَقُولُهُ الْفُقَرَاءُ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ: إِنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ أَخْرَجَتْ خَطْمَهَا وَعَيْنَيْهَا وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَثِبَ، فَلَا تَنْكَأِ الْقَرْحَ، وَجَهِّزْ أَبَا ذَرٍّ إِلَيَّ، وَابْعَثْ مَعَهُ دَلِيلًا وَكَفْكِفِ النَّاسَ وَنَفْسَكَ مَا اسْتَطَعْتَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَبِي ذَرٍّ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَرَأَى الْمَجَالِسَ فِي أَصْلِ جَبَلِ سَلْعٍ قَالَ: بِشِّرْ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِغَارَةٍ شَعْوَاءَ وَحَرْبٍ مِذْكَارٍ. وَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ: مَا لِأَهْلِ الشَّامِ يَشْكُونَ ذَرَبَ لِسَانِكَ؟

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 484
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست