responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 416
مِنْ خَلْفِنَا، وَكَانَ قِتَالُنَا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ رَجَوْتُ أَنْ يَنْصُرَنَا اللَّهُ. فَرَجَعَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَمَعَ النَّاسَ وَرَحَلَ بِهِمْ إِلَى سَفْحِ الْجَبَلِ، وَكَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ نَحْوٌ مِنْهُمْ، وَأَقْبَلَتِ التُّرْكُ وَمَنْ مَعَهَا، فَنَزَلَتْ وَجَعَلُوا يُغَادُونَهُمُ الْقِتَالَ وَيُرَاوِحُونَهُمْ، وَفِي اللَّيْلِ يَتَنَحَّوْنَ عَنْهُمْ.
فَخَرَجَ الْأَحْنَفُ لَيْلَةً طَلِيعَةً لِأَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ عَسْكَرِ خَاقَانَ وَقَفَ، فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ خَرَجَ فَارِسٌ مِنَ التُّرْكِ بِطَوْقِهِ، فَضَرَبَ بِطَبْلِهِ، ثُمَّ وَقَفَ مِنَ الْعَسْكَرِ مَوْقِفًا يَقِفُهُ مِثْلُهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْأَحْنَفُ فَتَقَاتَلَا، فَطَعَنَهُ الْأَحْنَفُ فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ طَوْقَ التُّرْكِيِّ وَوَقَفَ، فَخَرَجَ آخَرُ مِنَ التُّرْكِ فَفَعَلَ فِعْلَ صَاحِبِهِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْأَحْنَفُ فَتَقَاتَلَا، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ طَوْقَهُ وَوَقَفَ، ثُمَّ خَرَجَ الثَّالِثُ مِنَ التُّرْكِ فَفَعَلَ فِعْلَ الرَّجُلَيْنِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْأَحْنَفُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ الْأَحْنَفُ إِلَى عَسْكَرِهِ.
وَكَانَتْ عَادَةُ التُّرْكِ أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثَةٌ مِنْ فُرْسَانِهِمْ أَكْفَاءٌ، كُلُّهُمْ يَضْرِبُ بِطَبْلِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ بَعْدَ خُرُوجِ الثَّالِثِ. فَلَمَّا خَرَجُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَعْدَ الثَّالِثِ فَأَتَوْا عَلَى فُرْسَانِهِمْ مُقَتَّلِينَ تَشَاءَمَ خَاقَانُ وَتَطَيَّرَ فَقَالَ: قَدْ طَالَ مُقَامُنَا وَقَدْ أُصِيبَ فُرْسَانُنَا، مَا لَنَا فِي قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ خَيْرٌ ; فَرَجَعُوا. وَارْتَفَعَ النَّهَارُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَرَوْا مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِانْصِرَافِ خَاقَانَ وَالتُّرْكِ إِلَى بَلْخَ، وَقَدْ كَانَ يَزْدَجِرْدُ تَرَكَ خَاقَانَ مُقَابِلَ الْمُسْلِمِينَ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَانْصَرَفَ إِلَى مَرْوِ الشَّاهْجَانِ، فَتَحَصَّنَ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ وَمَنْ مَعَهُ، فَحَصَرَهُمْ وَاسْتَخْرَجَ خَزَائِنَهُ مِنْ مَوْضِعِهَا، وَخَاقَانُ مُقِيمٌ بِبَلْخَ.
فَلَمَّا جَمَعَ يَزْدَجِرْدُ خَزَائِنَهُ، وَكَانَتْ كَبِيرَةً عَظِيمَةً، وَأَرَادَ أَنْ يَلْحَقَ بِخَاقَانَ قَالَ لَهُ أَهْلُ فَارِسَ: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ؟ قَالَ: أُرِيدُ اللَّحَاقَ بِخَاقَانَ فَأَكُونُ مَعَهُ أَوْ بِالصِّينِ. قَالُوا لَهُ: إِنَّ هَذَا رَأْيُ سُوءٍ، ارْجِعْ بِنَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَنُصَالِحَهُمْ فَإِنَّهُمْ أَوْفِيَاءُ وَهُمْ أَهْلُ دِينٍ، وَإِنَّ عَدُوًّا يَلِينَا فِي بِلَادِنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا مَمْلَكَةً مِنْ عَدُوٍّ يَلِينَا فِي بِلَادِهِ وَلَا دِينَ لَهُمْ، وَلَا نَدْرِي مَا وَفَاؤُهُمْ. فَأَبَى عَلَيْهِمْ. فَقَالُوا: دَعْ خَزَائِنَنَا نَرُدَّهَا إِلَى بِلَادِنَا وَمَنْ يَلِينَا لَا تُخْرِجْهَا مِنْ بِلَادِنَا. فَأَبَى، فَاعْتَزَلُوهُ وَقَاتَلُوهُ فَهَزَمُوهُ وَأَخَذُوا الْخَزَائِنَ وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا، وَانْهَزَمَ مِنْهُمْ وَلَحِقَ بِخَاقَانَ، وَعَبَرَ النَّهْرَ مِنْ بَلْخَ إِلَى فَرْغَانَةَ، وَأَقَامَ يَزْدَجِرْدُ بِبَلَدِ التُّرْكِ، فَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا زَمَنَ عُمَرَ كُلَّهُ إِلَى أَنْ كَفَرَ أَهْلُ خُرَاسَانَ زَمَنَ عُثْمَانَ، وَكَانَ يُكَاتِبُهُمْ وَيُكَاتِبُونَهُ. وَسَيَرِدُ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ أَهْلُ فَارِسَ بَعْدَ رَحِيلِ يَزْدَجِرْدَ عَلَى الْأَحْنَفِ، فَصَالَحُوهُ وَدَفَعُوا إِلَيْهِ تِلْكَ الْخَزَائِنَ وَالْأَمْوَالَ، وَتَرَاجَعُوا إِلَى بُلْدَانِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ عَلَى أَفْضَلِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ زَمَنَ الْأَكَاسِرَةِ، وَاغْتَبَطُوا بِمُلْكِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَصَابَ الْفَارِسُ يَوْمَ يَزْدَجِرْدَ كَسَهْمِهِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست