responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 298
ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا نُكَلِّمُهُ وَيُكَلِّمُنَا. فَدَعَا سَعْدٌ جَمَاعَةً لِيُرْسِلَهُمْ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ لَهُ رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ: مَتَى نَأْتِهِمْ جَمِيعًا يَرَوْا أَنَا قَدِ احْتَفَلْنَا بِهِمْ، فَلَا تَزِدْهُمْ عَلَى رَجُلٍ.
فَأَرْسَلَهُ وَحْدَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَحَبَسُوهُ عَلَى الْقَنْطَرَةِ. وَأُعْلِمَ رُسْتُمُ بِمَجِيئِهِ فَأَظْهَرَ زِينَتَهُ، وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَبَسَطَ الْبُسُطَ وَالنَّمَارِقَ وَالْوَسَائِدَ الْمَنْسُوجَةَ بِالذَّهَبِ، وَأَقْبَلَ رِبْعِيٌّ عَلَى فَرَسِهِ وَسَيْفُهُ فِي خِرْقَةٍ، وَرُمْحُهُ مَشْدُودٌ بِعَصَبٍ وَقَدٍّ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبُسُطِ قِيلَ لَهُ: انْزِلْ، فَحَمَلَ فَرَسَهُ عَلَيْهَا وَنَزَلَ، وَرَبَطَهَا بِوِسَادَتَيْنِ شَقَّهُمَا، وَأَدْخَلَ الْحَبْلَ فِيهِمَا، فَلَمْ يَنْهَوْهُ وَأَرَوْهُ التَّهَاوُنَ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ، وَأَخَذَ عَبَاءَةَ بِعِيرِهِ فَتَدَرَّعَهَا وَشَدَّهَا عَلَى وَسَطِهِ. فَقَالُوا: ضَعْ سِلَاحَكَ. فَقَالَ: لَمْ آتِكُمْ فَأَضَعَ سِلَاحِي بِأَمْرِكُمْ، أَنْتُمْ دَعَوْتُمُونِي. فَأَخْبَرُوا رُسْتُمَ، فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ. فَأَقْبَلَ يَتَوَكَّأُ عَلَى رُمْحِهِ وَيُقَارِبُ خَطْوَهُ، فَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ نُمْرُقًا وَلَا بِسَاطًا إِلَّا أَفْسَدَهُ وَهَتَكَهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ رُسْتُمَ جَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ، وَرَكَّزَ رُمْحَهُ عَلَى الْبُسُطِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: إِنَّا لَا نَسْتَحِبُّ الْقُعُودَ عَلَى زِينَتِكُمْ. فَقَالَ لَهُ تُرْجُمَانُ رُسْتُمَ، وَاسْمُهُ عَبُودٌ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالَ: اللَّهُ جَاءَ بِنَا، وَهُوَ بَعَثَنَا لِنُخْرِجَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سِعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الْأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الْإِسْلَامِ، فَأَرْسَلَنَا بِدِينِهِ إِلَى خَلْقِهِ، فَمَنْ قَبِلَهُ قَبِلْنَا مِنْهُ، وَرَجَعْنَا عَنْهُ وَتَرَكْنَاهُ وَأَرْضَهُ دُونَنَا، وَمَنْ أَبَى قَاتَلْنَاهُ حَتَّى نُفْضِيَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوِ الظَّفَرِ. فَقَالَ رُسْتُمُ: قَدْ سَمِعْنَا قَوْلَكُمْ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تُؤَخِّرُوا هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى نَنْظُرَ فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّ مِمَّا سَنَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا نُمَكِّنَ الْأَعْدَاءَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، فَنَحْنُ مُتَرَدِّدُونَ عَنْكُمْ ثَلَاثًا، فَانْظُرْ فِي أَمْرِكَ، وَاخْتَرْ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ بَعْدَ الْأَجَلِ: إِمَّا الْإِسْلَامُ وَنَدَعَكَ وَأَرْضَكَ، أَوِ الْجَزَاءُ فَنَقْبَلُ وَنَكُفُّ عَنْكَ، وَإِنِ احْتَجْتَ إِلَيْنَا نَصَرْنَاكَ، أَوِ الْمُنَابَذَةُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، إِلَّا أَنْ تَبْدَأَ بِنَا، أَنَا كَفِيلٌ بِذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِي. قَالَ أَسَيِّدُهُمْ أَنْتَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، يُجِيرُ أَدْنَاهُمْ عَلَى أَعْلَاهُمْ.
فَخَلَا رَسْتُمُ بِرُؤَسَاءِ قَوْمِهِ فَقَالَ: هَلْ رَأَيْتُمْ كَلَامًا قَطُّ أَعَزَّ وَأَوْضَحَ مِنْ كَلَامِ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَمِيلَ إِلَى دِينِ هَذَا الْكَلْبِ! أَمَا تَرَى إِلَى ثِيَابِهِ؟ فَقَالَ: وَيْحَكُمْ! لَا تَنْظُرُوا إِلَى الثِّيَابِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ وَالسِّيرَةِ، إِنَّ الْعَرَبَ تَسْتَخِفُّ بِاللِّبَاسِ وَتَصُونُ الْأَحْسَابَ، لَيْسُوا مِثْلَكُمْ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَرْسَلَ رُسْتُمُ إِلَى سَعْدٍ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا ذَلِكَ الرَّجُلَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ حَذِيفَةَ بْنَ مِحْصَنٍ، فَأَقْبَلَ فِي نَحْوٍ مِنْ ذَلِكَ الزِّيِّ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَنْ فَرَسِهِ، وَوَقَفَ عَلَى

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست