responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 291
الدَّهَاقِينِ وَمِائَةٍ مِنَ التَّوَابِعِ، وَمَعَهُمْ مَا لَا يُدْرَى قِيمَتُهُ، فَاسْتَاقَ ذَلِكَ وَرَجَعَ فَصَبَّحَ سَعْدًا بِعُذَيْبِ الْهِجَانَاتِ، فَقَسَّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتَرَكَ الْحَرِيمَ بِالْعُذَيْبِ وَمَعَهَا خَيْلٌ تَحُوطُهَا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيَّ.
وَنَزَلَ سَعْدٌ الْقَادِسِيَّةَ وَأَقَامَ بِهَا شَهْرًا لَمْ يَأْتِهِ مِنَ الْفُرْسِ أَحَدٌ، فَأَرْسَلَ سَعْدٌ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى مَيْسَانَ، فَطَلَبَ غَنَمًا أَوْ بَقَرًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، وَتَحَصَّنَ مِنْهُ مَنْ هُنَاكَ، فَأَصَابَ عَاصِمٌ رَجُلًا بِجَانِبِ أَجَمَةٍ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ. فَصَاحَ ثَوْرٌ مِنَ الْأَجَمَةِ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، هَا نَحْنُ! فَدَخَلَ فَاسْتَاقَ الْبَقَرَ فَأَتَى بِهَا الْعَسْكَرَ، فَقَسَّمَهُ سَعْدٌ عَلَى النَّاسِ، فَأَخْصَبُوا أَيَّامًا، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ فِي زَمَانِهِ فَأَرْسَلَ إِلَى جَمَاعَةٍ فَسَأَلَهُمْ، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ وَشَاهَدُوهُ، فَقَالَ: كَذَبْتُمْ. قَالُوا: ذَلِكَ إِنْ كُنْتَ شَهِدْتَهَا وَغِبْنَا عَنْهَا. قَالَ: صَدَقْتُمْ، فَمَا كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ؟ قَالُوا: وَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى رِضَى اللَّهِ وَفَتْحِ عَدُوِّنَا، فَقَالَ: مَا يَكُونُ هَذَا إِلَّا وَالْجَمْعُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ. قَالُوا: مَا نَدْرِي مَا أَجَنَّتْ قُلُوبُهُمْ، فَأَمَّا مَا رَأَيْنَا فَمَا رَأَيْنَا قَطُّ أَزْهَدَ فِي دُنْيَا مِنْهُمْ، وَلَا أَشَدَّ بُغْضًا لَهَا، لَيْسَ فِيهِمْ جَبَانٌ وَلَا غَارٌّ وَلَا غَدَّارٌ. وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَبَاقِرِ.
وَبَثَّ سَعْدٌ الْغَارَاتِ وَالنَّهْبَ بَيْنَ كَسْكَرَ وَالْأَنْبَارِ، فَحَوَوْا مِنَ الْأَطْعِمَةِ مَا اسْتَكْفَوْا بِهِ زَمَانًا، وَكَانَ بَيْنَ نُزُولِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعِرَاقَ وَبَيْنَ نُزُولِ سَعْدٍ الْقَادِسِيَّةَ وَالْفَرَاغِ مِنْهَا سَنَتَانِ وَشَيْءٌ، وَكَانَ مُقَامُ سَعْدٍ بِالْقَادِسِيَّةِ شَهْرَيْنِ وَشَيْئًا حَتَّى ظَفِرَ.
فَاسْتَغَاثَ أَهْلُ السَّوَادِ إِلَى يَزْدَجِرْدَ، وَأَعْلَمُوهُ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ نَزَلُوا الْقَادِسِيَّةَ وَلَا يَبْقَى عَلَى فِعْلِهِمْ شَيْءٌ، وَقَدْ أَخْرَبُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفُرَاتِ، وَنَهَبُوا الدَّوَابَّ وَالْأَطْعِمَةَ، وَإِنْ أَبْطَأَ الْغِيَاثُ أَعْطَيْنَاهُمْ بِأَيْدِينَا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ الَّذِينَ لَهُمُ الضِّيَاعُ بِالطَّفِّ، وَهَيَّجُوهُ عَلَى إِرْسَالِ الْجُنُودِ، فَأَرْسَلَ يَزْدَجِرْدُ إِلَى رُسْتُمَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ أُوَجِّهَكَ فِي هَذَا الْوَجْهِ، فَأَنْتَ رَجُلُ فَارِسَ الْيَوْمَ، وَقَدْ تَرَى مَا حَلَّ بِالْفُرْسِ مِمَّا لَمْ يَأْتِهِمْ مِثْلُهُ. فَأَظْهَرَ لَهُ الْإِجَابَةَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: دَعْنِي، فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تَزَالُ تَهَابُ الْعَجَمَ مَا لَمْ تَضْرِبْهُمْ بِي، وَلَعَلَّ الدَّوْلَةَ أَنْ تَثْبُتَ بِي إِذَا لَمْ أَحْضُرِ الْحَرْبَ، فَيَكُونُ اللَّهُ قَدْ كَفَى، وَنَكُونُ قَدْ أَصَبْنَا الْمَكِيدَةَ، وَالرَّأْيُ فِي الْحَرْبِ أَنْفَعُ مِنْ بَعْضِ الظَّفَرِ، وَالْأَنَاةُ خَيْرٌ مِنَ الْعَجَلَةِ، وَقِتَالُ جَيْشٍ بَعْدَ جَيْشٍ أَمْثَلُ مِنْ هَزِيمَةٍ بِمَرَّةٍ وَأَشَدُّ عَلَى عَدُوِّنَا. فَأَبَى عَلَيْهِ، وَأَعَادَ رُسْتُمُ كَلَامَهُ وَقَالَ: قَدِ اضْطَرَّنِي تَضْيِيعُ الرَّأْيِ إِلَى إِعْظَامِ نَفْسِي وَتَزْكِيَتِهَا، وَلَوْ أَجِدُ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا لَمْ أَتَكَلَّمْ بِهِ، فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست