responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 190
قَوْمِهِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً يَدْعُوهُمْ، فَمَا آمَنَ إِلَّا الْقَلِيلُ، مَا كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى مَنْعِهِ وَلَا عَلَى إِعْزَازِ دِينِهِ، وَلَا عَلَى دَفْعِ ضَيْمٍ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ بِكُمُ الْفَضِيلَةَ سَاقَ إِلَيْكُمُ الْكَرَامَةَ، وَرَزَقَكُمُ الْإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَالْمَنْعَ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ، وَالْإِعْزَازَ لَهُ وَلِدِينِهِ، وَالْجِهَادَ لِأَعْدَائِهِ، فَكُنْتُمْ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى عَدُوِّهِ حَتَّى اسْتَقَامَتِ الْعَرَبُ لِأَمْرِ اللَّهِ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَأَعْطَى الْبَعِيدُ الْمُقَادَةَ صَاغِرًا، فَدَانَتْ لِرَسُولِهِ بِأَسْيَافِكُمُ الْعَرَبُ، وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ وَهُوَ عَنْكُمْ رَاضٍ قَرِيرُ الْعَيْنِ. اسْتَبِدُّوا بِهَذَا الْأَمْرِ دُونَ النَّاسِ، فَإِنَّهُ لَكُمْ دُونَهُمْ.
فَأَجَابُوهُ بِأَجْمَعِهِمْ: أَنْ قَدْ وُفِّقْتَ وَأَصَبْتَ الرَّأْيَ، وَنَحْنُ نُوَلِّيكَ هَذَا الْأَمْرَ، فَإِنَّكَ مَقْنَعٌ وَرِضًا لِلْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ إِنَّهُمْ تَرَادُّوا الْكَلَامَ فَقَالُوا: وَإِنْ أَبَى الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَالُوا: نَحْنُ الْمُهَاجِرُونَ وَأَصْحَابُهُ الْأَوَّلُونَ، وَعَشِيرَتُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ؟ ! فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: فَإِنَّا نَقُولُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، وَلَنْ نَرْضَى بِدُونِ هَذَا أَبَدًا. فَقَالَ سَعْدٌ: هَذَا أَوَّلُ الْوَهَنِ.
وَسَمِعَ عُمَرُ الْخَبَرَ فَأَتَى مَنْزِلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ فِيهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنِ اخْرُجْ إِلَيَّ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِنِّي مُشْتَغِلٌ. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ لَابُدَّ لَكَ مِنْ حُضُورِهِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَأَعْلَمَهُ الْخَبَرَ، فَمَضَيَا مُسْرِعِينَ نَحْوَهُمْ وَمَعَهُمَا أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ عُمَرُ: فَأَتَيْنَاهُمْ وَقَدْ كُنْتُ زَوَّرْتُ كَلَامًا أَقُولُهُ لَهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْتُ أَقُولُ أَسْكَتَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَتَكَلَّمَ بِكُلِّ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ فِينَا رَسُولًا شَهِيدًا عَلَى أُمَّتِهِ لِيَعْبُدُوهُ وَيُوَحِّدُوهُ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً شَتَّى مِنْ حَجَرٍ وَخَشَبٍ، فَعَظُمَ عَلَى الْعَرَبِ أَنْ يَتْرُكُوا دِينَ آبَائِهِمْ. فَخَصَّ اللَّهُ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ قَوْمِهِ بِتَصْدِيقِهِ وَالْمُوَاسَاةِ لَهُ، وَالصَّبْرِ مَعَهُ عَلَى شِدَّةِ أَذَى قَوْمِهِمْ لَهُمْ وَتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُمْ، وَكُلُّ النَّاسِ لَهُمْ مُخَالِفٌ زَارٍ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَوْحِشُوا لِقِلَّةِ عَدَدِهِمْ وَشَنَفِ النَّاسِ لَهُمْ، فَهُمْ أَوَّلُ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَآمَنَ بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ، وَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ وَعَشِيرَتُهُ، وَأَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ، لَا يُنَازِعُهُمْ إِلَّا ظَالِمٌ، وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَنْ لَا يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ فِي الدِّينِ وَلَا سَابِقَتُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، رَضِيَكُمُ اللَّهُ أَنْصَارًا لِدِينِهِ وَرَسُولِهِ، وَجَعَلَ إِلَيْكُمْ هِجْرَتَهُ، فَلَيْسَ بَعْدَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَتِكُمْ، فَنَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، لَا تُفَاوَتُونَ بِمَشُورَةٍ، وَلَا تُقْضَى دُونَكُمُ الْأُمُورُ.
فَقَامَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، امْلِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْرَكُمْ،

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست