responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 340
فَلَمَّا جَاعَ قَالَ لِلْعَجُوزِ: هَلْ عِنْدَكِ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ؟ قَالَتْ: لَا وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ مَا لَنَا عَهْدٌ بِالطَّعَامِ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَسَأَخْرُجُ لِأَلْتَمِسَ لَكَ شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا: هَلْ تَعْبُدِينَ اللَّهَ؟ قَالَتْ: لَا. فَدَعَاهَا فَآمَنَتْ، وَانْطَلَقَتْ تَطْلُبُ لَهُ شَيْئًا، وَفِي بَيْتِهَا دِعَامَةٌ مِنْ خَشَبَةٍ يَابِسَةٍ تَحْمِلُ خَشَبَ الْبَيْتِ، فَدَعَا اللَّهَ فَاخْضَرَّتْ تِلْكَ الدِّعَامَةُ وَأَنْبَتَتْ كُلَّ فَاكِهَةٍ تُؤْكَلُ وَتُعْرَفُ، فَظَهَرَ لِلدِّعَامَةِ فُرُوعٌ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ تُظِلُّهُ وَمَا حَوْلَهُ، وَعَادَتِ الْعَجُوزُ وَهُوَ يَأْكُلُ رَغْدًا. فَلَمَّا رَأَتِ الَّذِي حَدَثَ فِي بَيْتِهَا قَالَتْ: آمَنْتُ بِالَّذِي أَطْعَمَكَ فِي بَيْتِ الْجُوعِ، فَادْعُ هَذَا الرَّبَّ الْعَظِيمَ أَنْ يَشْفِيَ ابْنِي. قَالَ: أَدْنِيهِ مِنِّي، فَأَدْنَتْهُ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَأَبْصَرَ، فَنَفَثَ فِي أُذُنَيْهِ فَسَمِعَ. قَالَتْ لَهُ: أَطْلِقْ لِسَانَهُ وَرِجْلَيْهِ. قَالَ لَهَا: أَخِّرِيهِ فَإِنَّ لَهُ يَوْمًا عَظِيمًا.
وَرَأَى الْمَلِكُ الشَّجَرَةَ فَقَالَ: أَرَى شَجَرَةً مَا كُنْتُ أَعْهَدُهَا! قَالُوا: تِلْكَ الشَّجَرَةُ نَبَتَتْ لِذَلِكَ السَّاحِرِ الَّذِي أَرَدْتَ أَنْ تُعَذِّبَهُ بِالْجُوعِ وَقَدْ شَبِعَ مِنْهَا وَأَشْبَعَتِ الْعَجُوزَ، وَشَفَى لَهَا ابْنَهَا.
فَأَمَرَ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ، وَبِالشَّجَرَةِ أَنْ تُقْطَعَ، فَلَمَّا هَمُّوا بِقَطْعِهَا أَيْبَسَهَا اللَّهُ وَتَرَكُوهَا. وَأَمَرَ بِجِرْجِيسَ فَبُطِحَ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَمَرَ بِعِجْلٍ فَأُوقِرَ أُسْطُوَانًا وَجَعَلَ فِي أَسْفَلِ الْعِجْلِ خَنَاجِرَ وَشِفَارًا ثُمَّ دَعَا بِأَرْبَعِينَ ثَوْرًا فَنَهَضَ بِالْعِجْلِ نَهْضَةً وَاحِدَةً وَجِرْجِيسُ تَحْتَهَا، فَانْقَطَعَ ثَلَاثَ قِطَعٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِقِطَعِهِ فَأُحْرِقَتْ حَتَّى صَارَتْ رَمَادًا، وَبَعَثَ بِالرَّمَادِ مَعَ رِجَالٍ فَذَرُّوهُ فِي الْبَحْرِ، فَلَمْ يَبْرَحُوا حَتَّى سَمِعُوا صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ: يَا بَحْرُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَحْفَظَ مَا فِيكَ مِنْ هَذَا الْجَسَدِ الطَّيِّبِ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعِيدَهُ. فَأَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَجَمَعَتْهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَذُرُّوهُ، وَالَّذِينَ ذَرُّوهُ قِيَامٌ لَمْ يَبْرَحُوا، وَخَرَجَ جِرْجِيسُ حَيًّا مُغَبَّرًا، فَرَجَعُوا وَرَجَعَ مَعَهُمْ وَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ خَبَرَ الصَّوْتِ وَالرِّيَاحِ. فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: هَلْ لَكَ فِيمَا هُوَ خَيْرٌ لِي وَلَكَ؟ وَلَوْلَا أَنْ يُقَالَ إِنَّكَ غَلَبْتَنِي لَآمَنْتُ بِكَ، وَلَكِنِ اسْجُدْ لِصَنَمِي سَجْدَةً وَاحِدَةً أَوِ اذْبَحْ لَهُ شَاةً وَاحِدَةً وَأَنَا أَفْعَلُ مَا يَسُرُّكَ. فَطَمِعَ جِرْجِيسُ فِي إِهْلَاكِ الصَّنَمِ حِينَ يَرَاهُ وَإِيمَانِ الْمَلِكِ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: أَفْعَلُ - خَدِيعَةً مِنْهُ - وَأَدْخِلْنِي عَلَى صَنَمِكَ أَسْجُدُ لَهُ وَأَذْبَحُ.
فَفَرِحَ الْمَلِكُ بِذَلِكَ وَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ عِنْدَهُ، فَفَعَلَ، فَأَخْلَى لَهُ الْمَلِكُ بَيْتًا وَدَخَلَهُ جِرْجِيسُ، فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْلُ قَامَ يُصَلِّي وَيَقْرَأُ الزَّبُورَ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَلَمَّا سَمِعَتْهُ امْرَأَةُ الْمَلِكِ اسْتَجَابَتْ لَهُ وَآمَنَتْ بِهِ وَكَتَمَتْ إِيمَانَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا بِهِ إِلَى بَيْتِ الْأَصْنَامِ لِيَسْجُدَ لَهَا.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست