responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 336
الْحَوَارِيِّينَ فَأَخَذُوا عَنْهُمْ، وَكَانَ جِرْجِيسُ كَثِيرَ التِّجَارَةِ عَظِيمَ الصَّدَقَةِ، وَرُبَّمَا نَفَدَ مَالُهُ فِي الصَّدَقَةِ ثُمَّ يَعُودُ يَكْتَسِبُ مِثْلَهُ، وَلَوْلَا الصَّدَقَةُ لَكَانَ الْفَقْرُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْغِنَى، وَكَانَ يَخَافُ بِالشَّامِ أَنْ يُفْتَتَنَ عَنْ دِينِهِ، فَقَصَدَ الْمَوْصِلَ وَمَعَهُ هَدِيَّةٌ لِمَلِكِهَا لِئَلَّا يَجْعَلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ سَبِيلًا، فَجَاءَهُ حِينَ جَاءَهُ، وَقَدْ أَحْضَرَ عُظَمَاءَ قَوْمِهِ وَأَوْقَدَ نَارًا وَأَعَدَّ أَصْنَافًا مِنَ الْعَذَابِ وَأَمَرَ بِصَنَمٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ أَفَلُّونُ فَنُصِبَ، فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ عَذَّبَهُ وَأُلْقِيَ فِي النَّارِ.
فَلَمَّا رَأَى جِرْجِيسُ مَا يَصْنَعُ اسْتَعْظَمَهُ وَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِجِهَادِهِ، فَعَمِدَ إِلَى الْمَالِ الَّذِي مَعَهُ فَقَسَمَهُ فِي أَهْلِ مِلَّتِهِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْغَضَبِ فَقَالَ لَهُ: اعْلَمْ أَنَّكَ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ لَا تَمْلِكُ لِنَفْسِكَ شَيْئًا وَلَا لِغَيْرِكَ شَيْئًا، وَأَنَّ فَوْقَكَ رَبًّا هُوَ الَّذِي خَلَقَكَ وَرَزَقَكَ، فَأَخَذَ فِي ذِكْرِ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَيَّبَ صَنَمَهُ. فَأَجَابَهُ الْمَلِكُ بِأَنْ سَأَلَهُ مَنْ هُوَ؟ وَمِنْ أَيْنَ هُوَ؟ . فَقَالَ جِرْجِيسُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ مِنَ التُّرَابِ خُلِقْتُ وَإِلَيْهِ أَعُودُ. فَدَعَاهُ الْمَلِكُ إِلَى عِبَادَةِ صَنَمِهِ وَقَالَ لَهُ: لَوْ كَانَ رَبُّكَ مَلِكَ الْمَلَكُوتِ لَرُؤِيَ عَلَيْكَ أَثَرُهُ كَمَا تَرَى عَلَى مَنْ حَوْلِي مِنْ مُلُوكِ قَوْمِي. فَأَجَابَهُ جِرْجِيسُ بِتَعْظِيمِ أَمْرِ اللَّهِ وَتَمْجِيدِهِ وَقَالَ لَهُ: تَعْبُدُ أَفَلُّونَ الَّذِي لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمْ تَعْبُدُ الَّذِي قَامَتْ بِأَمْرِهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَمْ تَعْبُدُ طَرْقَلِينَا عَظِيمَ قَوْمِكَ مِنَ النَّاسِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهُ كَانَ آدَمِيًّا يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَأَكْرَمَهُ اللَّهُ بِأَنْ جَعَلَهُ إِنْسِيًّا مَلَكِيًّا، أَمْ تَعْبُدُ عَظِيمَ قَوْمِكَ مَخْلِيطِيسْ أَيْضًا وَمَا نَالَ بِوِلَايَتِكَ مِنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ! وَذَكَرَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ وَمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ.
فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: إِنَّكَ أَتَيْتَنَا بِأَشْيَاءَ لَا نَعْلَمُهَا! ثُمَّ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْعَذَابِ وَالسُّجُودِ

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست