responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 232
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ! أَيْنَ مِيعَادُكَ، أَيَا رَبِّ، الَّذِي وَعَدْتَنِي بِهِ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلَّا بِفُتْيَاكَ الَّتِي أَفْتَيْتَ رَسُولَنَا، فَاسْتَيْقَنَ أَنَّهَا فُتْيَاهُ وَأَنَّ السَّائِلَ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَخَرَجَ إِرْمِيَا حَتَّى خَالَطَ الْوَحْشَ.
وَدَخَلَ بُخْتُنَصَّرُ وَجُنُودُهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَوَطِئَ الشَّامَ وَقَتَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أَفْنَاهُمْ، وَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَمَرَ جُنُودَهُ، فَحَمَلُوا التُّرَابَ وَأَلْقَوْهُ فِيهِ حَتَّى مَلَئُوهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى بَابِلَ وَأَخَذَ مَعَهُ سَبَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَمَرَهُمْ فَجَمَعُوا مَنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ كُلَّهُمْ، فَاجْتَمَعُوا وَاخْتَارَ مِنْهُمْ مِائَةَ أَلْفِ صَبِيٍّ فَقَسَمَهُمْ عَلَى الْمُلُوكِ وَالْقُوَّادِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ، وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الْغِلْمَانِ دَانْيَالُ النَّبِيُّ، وَحَنَانِيَا، وَعَزَارِيَا، وَمِيشَائِيلُ، وَقَسَّمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَقَتَلَ ثُلُثًا، وَأَقَرَّ بِالشَّامِ ثُلُثًا، وَسَبَى ثُلُثًا، ثُمَّ عَمَّرَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِرْمِيَا، فَهُوَ الَّذِي رُئِيَ بِفَلَوَاتِ الْأَرْضِ وَالْبُلْدَانِ.
ثُمَّ إِنَّ بُخْتُنَصَّرَ عَادَ إِلَى بَابِلَ وَأَقَامَ فِي سُلْطَانِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ. ثُمَّ رَأَى رُؤْيَا، فَبَيْنَمَا هُوَ قَدْ أَعْجَبَهُ مَا رَأَى إِذْ رَأَى شَيْئًا أَنْسَاهُ مَا رَأَى، فَدَعَا دَانْيَالَ، وَحَنَانِيَا، وَعَزَارِيَا، وَمِيشَائِيلَ، وَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا فَأُنْسِيتُهَا. وَلَئِنْ لَمْ تُخْبِرُونِي بِهَا وَبِتَأْوِيلِهَا لَأَنْزِعَنَّ أَكْتَافَكُمْ! فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَدَعَوُا اللَّهَ وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ وَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْلِمَهُمْ إِيَّاهَا، فَأَعْلَمَهُمُ الَّذِي سَأَلَهُمْ عَنْهُ، فَجَاءُوا إِلَى بُخْتُنَصَّرَ فَقَالُوا رَأَيْتَ تِمْثَالًا. قَالَ: صَدَقْتُمْ. قَالُوا: قَدَمَاهُ، وَسَاقَاهُ مِنْ فَخَّارٍ، وَرُكْبَتَاهُ وَفَخِذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ، وَبَطْنُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَصَدْرُهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَرَأْسُهُ وَعُنُقُهُ مِنْ حَدِيدٍ، فَبَيْنَمَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ قَدْ أَعْجَبَكَ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَخْرَةً مِنَ السَّمَاءِ فَدَقَّتْهُ، وَهِيَ الَّتِي أَنْسَتْكَ الرُّؤْيَا! قَالَ: صَدَقْتُمْ، فَمَا تَأْوِيلُهَا؟ قَالُوا: أُرِيتَ مُلْكَ الْمُلُوكِ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَلْيَنَ مُلْكًا مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَحْسَنَ مُلْكًا مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُهُمْ أَشَدَّ، وَكَانَ أَوَّلَ الْمُلْكِ الْفَخَّارُ، وَهُوَ أَضْعَفُهُ وَأَلْيَنُهُ، ثُمَّ كَانَ فَوْقَهُ النُّحَاسُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَشَدُّ، ثُمَّ كَانَ فَوْقَ النُّحَاسِ الْفِضَّةُ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ وَأَحْسَنُ، ثُمَّ كَانَ فَوْقَهَا الذَّهَبُ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنَ الْفِضَّةِ وَأَفْضَلُ، ثُمَّ كَانَ الْحَدِيدُ، وَهُوَ مُلْكُكَ، فَهُوَ أَشَدُّ الْمُلُوكِ وَأَعَزُّ، وَكَانَتِ الصَّخْرَةُ الَّتِي رَأَيْتَ قَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ فَدَقَّتْ ذَلِكَ جَمِيعَهُ نَبِيًّا يَبْعَثُهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَيْهِ.
فَلَمَّا عَبَرَ دَانْيَالُ وَمَنْ مَعَهُ رُؤْيَا بُخْتُنَصَّرَ قَرَّبَهُمْ وَأَدْنَاهُمْ وَاسْتَشَارَهُمْ فِي أَمْرِهِ،

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست