responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 148
جِهَادَ عَدُوِّكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ أَعْطَانَا هَذَا الْمُلْكَ لِيَبْلُوَنَا أَنَشْكُرُ أَمْ نَكْفُرُ فَيُعَاقِبُنَا، فَإِذَا كَانَ غَدٌ فَاحْضُرُوا.
فَحَضَرَ النَّاسُ وَالْأَشْرَافُ، فَقَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ، فَقَامَ لَهُ النَّاسُ، فَقَالَ: اقْعُدُوا، إِنَّمَا قُمْتُ لِأَسْمَعَكُمْ. فَجَلَسُوا. فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الْخَلْقُ لِلْخَالِقِ وَالشُّكْرُ لِلْمُنْعِمِ، وَالتَّسْلِيمُ لِلْقَادِرِ، وَلَا بُدَّ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ، وَإِنَّهُ لَا أَضْعَفَ مِنْ مَخْلُوقٍ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا، وَلَا أَقْوَى مِنْ خَالِقٍ وَلَا أَقْدَرَ مِمَّنْ طِلْبَتُهُ فِي يَدِهِ، وَلَا أَعْجَزَ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِ طَالِبِهِ، وَإِنَّ التَّفَكُّرَ نُورٌ، وَالْغَفْلَةَ ظُلْمَةٌ، فَالضَّلَالَةُ جَهَالَةٌ، وَقَدْ وَرَدَ الْأَوَّلُ وَلَا بُدَّ لِلْآخَرِ مِنَ اللَّحَاقِ بِالْأَوَّلِ. إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانَا هَذَا الْمُلْكَ فَلَهُ الْحَمْدُ وَنَسْأَلُهُ إِلْهَامَ الرُّشْدِ، وَالصِّدْقَ وَالْيَقِينَ، وَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْمَلِكِ عَلَى أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ حَقٌّ وَلِأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ عَلَيْهِ حَقٌّ، فَحَقُّ الْمَلِكِ عَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَيُنَاصِحُوهُ، وَيُقَاتِلُوا عَدُوَّهُ، وَحَقُّهُمْ عَلَى الْمَلِكِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ أَرْزَاقَهُمْ فِي أَوْقَاتِهَا إِذْ لَا مُعَوَّلَ لَهُمْ إِلَّا عَلَيْهَا، وَإِنَّهُ خَازِنُهُمْ، وَحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْمَلِكِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِمْ وَيَرْفُقَ بِهِمْ وَلَا يَحْمِلَهُمْ عَلَى مَا لَا يُطِيقُونَ، وَإِنْ أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ تَنْقُصُ مِنْ ثِمَارِهِمْ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُمْ خَرَاجَ مَا نَقَصَ، وَإِنِ اجْتَاحَتْهُمْ مُصِيبَةٌ أَنْ يُعَوِّضَهُمْ مَا يُقَوِّيهِمْ عَلَى عِمَارَتِهِمْ، ثُمَّ يَأْخُذَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْرَ مَا لَا يُجْحِفُ بِهِمْ فِي سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ. أَلَا وَإِنَّ الْمَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ صَدُوقًا لَا يَكْذِبُ، وَأَنْ يَكُونَ سَخِيًّا لَا يَبْخَلُ، وَأَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ وَيَدُهُ مَبْسُوطَةٌ، وَالْخَرَاجُ يَأْتِيهِ، فَلَا يَسْتَأْثِرُ عَنْ جُنْدِهِ وَرَعِيَّتِهِ بِمَا هُمْ أَهْلٌ لَهُ، وَأَنْ يُكْثِرَ الْعَفْوَ فَإِنَّهُ لَا مَلِكَ أَقْوَى وَلَا أَبْقَى مِنْ مَلِكِ الْعَفْوِ، فَإِنَّ الْمَلِكَ إِنْ يُخْطِئْ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ.
أَلَا وَإِنَّ التُّرْكَ قَدْ طَمِعَتْ فِيكُمْ فَاكْفُونَا، فَإِنَّمَا تَكْفُونَ أَنْفُسَكُمْ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَكُمْ بِالسِّلَاحِ وَالْعُدَّةِ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ فِي الرَّأْيِ، وَإِنَّمَا لِي مِنْ هَذَا الْمُلْكِ اسْمُهُ مَعَ الطَّاعَةِ مِنْكُمْ. أَلَا وَإِنَّمَا الْمَلِكُ مَلِكٌ إِذَا أُطِيعَ، فَإِنْ خُولِفَ فَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَيْسَ بِمَلِكٍ. أَلَا وَإِنَّ أَكْمَلَ الْأَدَاةِ عِنْدَ الْمُصِيبَاتِ الْأَخْذُ بِالصَّبْرِ، وَالرَّاحَةُ إِلَى الْيَقِينِ، فَمَنْ قُتِلَ فِي مُجَاهَدَةِ الْعَدُوِّ رَجَوْتُ لَهُ بِفَوْزِ رِضْوَانِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا هَذِهِ الدُّنْيَا سَفَرٌ لِأَهْلِهَا لَا يَحِلُّونَ عُقَدَ الرِّحَالِ إِلَّا فِي غَيْرِهَا. وَهِيَ خُطْبَةٌ طَوِيلَةٌ.

نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست