نام کتاب : العرب في العصور القديمة نویسنده : لطفي عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 71
أصبحت تسمى بالشعوب السامية على امتداد القرنين الأخيرين. وقد ناقشت ما جاء فيها من شواهد وأدلة وما أثارته من ردود واعتراضات مبينا موقفي من كل منها نفيا أو احتمالا أو ترجيحا. ولعل كثرة ما دار حول هذه القضية من نقاش ورد ونقد واعتراض هو خير دليل على أن الحديث عنها لا يزال بعيدا عن مرحلة الرأي المؤكد المسلم به.
أ- ملاحظات حول فكرة موطن أصلي للساميين:
على أني أود، رغم ذلك، أن أورد في ختام هذا الحديث عددًا من الملاحظات سبق أن أشرت إلى بعضها، حتى أخلص إلى تصور أرى أنه -في غياب أي دليل فاصل وقاطع في هذا الموضوع- يتفادى على الأقل عددا من نقاط الضعف أو الاعتراضات التي ظهرت في المناقشات التي دارت حوله حتى الآن.
وأولى هذه الملاحظات هي أن افتراض موطن أصلي انطلقت منه هجرات كبيرة، كونت الشعوب التي تتحدث اللغات السامية ليس أمرا ضروريا أو لازما لتفسير التشابه أو التقارب بين هذه اللغات؛ فاللغات أداة تعامل وتداول تنتقل وتؤثر وتتأثر بالحركة والاختلاط والتجاور والتبادل، والهجرات جزء من هذا كله ولكنها ليست كل شيء ولا يمكن أن ينظر إليها على أنها تشكل العامل الوحيد الذي يؤدي إلى ما بين أية مجموعة من اللغات من تشابه أو تقارب.
والملاحظة الثانية هي أن الارتباط بين الهجرات الدورية أو الكبيرة وبين الجفاف والإقفار الذي حل بالمناطق التي انطلقت منها هذه الهجرات أمر وارد, ولكنه لا يشكل مع ذلك حكما عاما أو قاعدة متواترة، فهناك من الشواهد التاريخية ما يثبته, لكن هناك كذلك ما ينفيه، وعلى سبيل المثال فمن
نام کتاب : العرب في العصور القديمة نویسنده : لطفي عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 71