نام کتاب : العرب في العصور القديمة نویسنده : لطفي عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 408
موقف التوجس من نحميا اليهودي حين حصل على إذن من أرتحَشْتا الإمبراطور الفارسي "646-424 ق. م" ببناء سور حول أورشليم "القدس". ورغم أن هذا التوجس لم يعبر عن نفسه إلى تصد إيجابي للزعيم اليهودي وإنما ظهر في هيئة معارضة ومناورات من جانب هؤلاء الزعماء قابله الزعيم اليهودي بمناورات مماثلة وانتهى الأمر ببناء السور الذي كان يريد بناءه, إلا أنه في الوقت ذاته يشير إلى أن العرب لم تزل هويتهم قائمة ومتمثلة في إدراك مصالحهم التي تصوروا أن بناء هذا السور قد يضر بها بشكل أو بآخر، ولكن يبدو أن الأمر لم يكن بأيديهم بالدرجة الأولى، فالإمبراطور الفارسي، وهو صاحب الأمر والنهي في المنطقة في ذلك الوقت على هذه المنطقة التي كانت قد دخلت ضمن إمبراطوريته، كان قد أعطى الإذن ببناء السور، من ثم فلم يكن هناك مجال واسع لتحرك عربي أو تكتل عربي يصل إلى مستوى التصدي وبخاصة إذا أدركنا أن الطرف الآخر، وهو الزعيم العبري، كان هو الآخر في وقف مماثل لا يملك فيه أن يقدم أو يؤخر كثيرًا[8]. [8] راجع التفصيلات في صفحات 186-191 في هذه الدراسة.
ج- العلاقات مع القوى الشرقية:
وأنتقل الآن إلى صعيد آخر للعلاقات الخارجية للعرب، وهو الصعيد الذي ظهر عليه موقفهم إزاء منطقة وادي الرافدين حيث الدولة الآشورية ومن بعدها الدول الكلدانية "أو الدولة البابلية الحديثة" وإزاء الإمبراطورية الفارسية التي مدت سيطرتها إلى منطقة الشرق الأدنى بأكمله في غضون القرن السادس ق. م. وتكمن أهمية العلاقات العربية الخارجية في هذا الاتجاه ليس في ظهور الهوية الواضحة للعرب فحسب، وإنما في تطورها تدريجيا نحو التبلور بحيث اتخذ تحركها في هذا المجال أكثر من صورة وظهر في أكثر من اتجاه.
وقد كانت أولى العلاقات العربية في هذا الاتجاه الشرقي مع الآشوريين,
نام کتاب : العرب في العصور القديمة نویسنده : لطفي عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 408