نام کتاب : العرب في العصور القديمة نویسنده : لطفي عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 392
داخل الجزيرة وجدنا تسربات مسيحية إلى الحجاز من الحيرة ومن سورية ومن بيزنطة التي عرف التجار العرب طريقهم إليها بشكل أو بآخر. يشهد على ذلك بعض الأسماء العربية في المنطقة في الفترة السابقة للإسلام مثل: داود وعيسى وسليمان[49]. على أننا يجب ألا نبالغ في هذه التأثيرات المسيحية في المنطقة، إذ يبدو أن انتشارها لم يكن واسعًا. وفي هذا المجال فنحن نجد بعض إشارات التوحيد في أشعار الجاهليين الذين ينتمون إلى هذه المنطقة مثل أشعار أمية بن أبي الصلت ونسمع عن اعتناق للمسيحية عند بعض الأفراد البارزين في المجتمع الحجازي مثل ورقة بن نوفل وربما كانوا كذلك ولكن من المحتمل كذلك أن يكونوا من هذه الفئة التي لم تعد الوثنية البدائية تغطي تطلعاتهم نحو قيم اجتماعية وروحية أكثر تطورا وتقدما فعمدوا إلى اعتناق خطوط توحيدية عامة في عقيدة إبراهيم -عليه السلام- وسموا بالحنيفية[50]. [49] HITTI ذاته، ص106. [50] الإشارة إلى الحنيفية في القرآن الكريم، سورة البقرة: 135، آل عمران: 67 و95، النساء: 125، الأنعام: 79 و161، يونس: 105، النحل: 120 و123، الروم: 30، الحج: 31, البينة: 5.
ب- الظروف المحيطة بالحياة الدينية:
فإذا تركنا العقائد الدينية ذاتها، سواء فيما يخص تطورها أو انتشارها, وانتقلنا إلى الحديث عن الظروف التي أحاطت بممارستها نجد ظاهرتين واضحتين. وإحدى هاتين الظاهرتين هي المركز القوي أو المؤثر الذي تمتع به رجال الدين في أكثر من قسم من أقسام شبه الجزيرة كما نستطيع أن نستنتج بوضوح سواء من المخلفات الأثرية أو من الكتابات التي تركها لنا الكتاب الكلاسيكيون. وأحد المؤشرات إلى هذا الوضع هو العدد الكبير من المعابد الذي عرفته منطقة العربية الجنوبية على سبيل المثال. لقد كانت كثرة عدد المعابد في مدن هذه المنطقة وبذخها إحدى الظواهر التي شدت انتباه الكتاب الكلاسيكيين
نام کتاب : العرب في العصور القديمة نویسنده : لطفي عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 392