نام کتاب : العرب في العصور القديمة نویسنده : لطفي عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 324
ج- النشاط التجاري البحري:
وأنتقل بالحديث الآن إلى الشق الآخر من النشاط التجاري لشبه الجزيرة، وهو النشاط التجاري البحري. وأول ما نلاحظه في هذا الصدد هو أن الموقع الجغرافي التاريخي لشبه الجزيرة العربية كان موقعًا يتيح لها إمكانات واسعة في مجال التجارة البحرية. فهي تشغل، كما سبق أن رأينا في مناسبة سابقة، موقعا وسطا بين بحرين هما البحر الأحمر من الغرب والخليج من الشرق وبينهما يمتد المحيط الهندي ليستمر بعد ذلك شرقا. كذلك فإن الرياح الموسمية التي تسود المنطقة أثبتت أنها عامل مساعد للملاحين إلى حد كبير. هذا، إلى أن نهري دجلة والفرات في شمال الخليج، ونهر النيل عبر البحر الأحمر، بإمكاناتهما في مجال النقل يشكلان امتدادين لهذا الموقع التجاري الوسيط، أما من الناحية التاريخية فشبه الجزيرة كان يحيط بها دائما قوتان حضاريتان كبيرتان
الهدف السياسي وتبع ذلك ازدهار النشاط التجاري عليه. وهكذا، على سبيل المثال، اعتنت حكومة الإمبراطورية الرومانية ببناء عدد من الحصون على طول طريق دقلديانوس التي سبقت الإشارة إليها، وقد تم اكتشاف بقايا عدد من هذه الحصون قائمة في أماكن عديدة على طول هذه الطريق حتى الآن[45]. هذا، إلى أن التوتر السياسي والعسكري الدائم بين الرومان والفرس ودأب الفرس على قطع الطريق التجارية على التجار الرومان، أفسح المجال أمام مدينة تدمر على أن تلعب دور الوساطة التجارية كمنطقة شبه محايدة، وإن كانت داخلة ضمن النفوذ الروماني، طالما أنها لم تكن من الناحية الرسمية، وهكذا تضمن روما الحصول على السلع اللازمة لها من الشرق الأوسط والأقصى. [45] راجع DUSSAUD: ذاته، ص80-81.
نام کتاب : العرب في العصور القديمة نویسنده : لطفي عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 324