نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 525
وبقيت أمام الملك الآشوري صور الحصينة، ويبدو أنه فت في عضدها سوء حظ حلفائها المصريين وقسوة الحصار عليها من البر والبحر، فاستسلمت للملك الآشوري حين خرج إليها بجيشه الكبير في غزوته الثالثة وتبعتها أرواد. وتبجحت النصوص الآشورية فروت أن ملك صور استرضاه بتقديم ولي عهده وبنته وبنات أخواته إليه بالهدايا، فأعاد إليه ولي عهده واستبقى البنات[1]، وهكذا فعل مع ملك أرواد الذي لم يخضع لأحد من ملوك أسرته على حد قوله، فقبل ابنته هدية منه. وفعل آشور بانيبال بعرب البادية ما فعله بغيرهم مما سنعود إليه في حينه، وكانت أشد نقمته عليهم لانضمام بعض زعمائهم إلى أخيه ضده، وتقلب عواطفهم معه، وبلغ من شدته معهم أن لجأ إليه أحد زعمائهم "يويطع بن حزائيل" معتذرًا خاضعًا فقبل عذره، ولكنه أمر بوضع مقود في عنقه وقرنه مع كلب ودب لحراسة إحدى بوابات عاصمته نينوى، كما أمر بقرن زعيم آخر من زعمائهم بأمراء عيلام وشدهم جميعًا كالخيول إلى عربته في بعض مواكبه[2].
وعلى نحو ما بلغت جيوش آشور بانيبال مداها في بلاد المشرق، استطاعت أن تدق أبوبا مملكة ذات صبغة شرقية غربية في آسيا الصغرى، وهي مملكة ليديا التي اعتمدت في كثير من نشاطها المدني والحربي على الإغريق المستوطنين فيها، وتحالفت مع الآشوريين في عهد ملكها جيجيس ضد قبائل السميريين، ثم تحالفت مع مصر ضدهم، فبادلها الآشوريون عداء بعداء وفتكوا بجيشها، وعندما قتل ملكها جيجيس، عام 653ق. م في كفاحه مع السميريين، اضطر ولده أرديس إلى مهادنتهم[3].
بداية النهاية:
أحاطت بالملوك السرجونيين هالات من المجد شجعتهم على أن يستبدوا بكل من وقعوا تحت طائلتهم، ولكن بنيانهم الداخلي لم يكن سليمًا تمامًا، ونخرت فيه عوامل التنازع الأسري في القصر الملكي منذ عهد سرجون نفسه الذي اغتيل في ميدان القتال أو بعده في عام 705ق. م، واغتيل بعده سينا خريب في المعبد بيد أحد أبنائه ومعونة صاحب الليمو عام 681ق. م، واستمرت الفتنة قائمة في آشور منذ يوم وفاته في 20 تيبتو إلى الثاني من أذارو "آذار"، ثم هدأت وأعلن آشور أخادين نفسه ملكًا في اليوم 18. وفرق آشور أخادين بين أولاده، فأوصى لأكبرهم شمشي شوموكين بحكم بابل، وأهمل الثاني، وأوصى للثالث آشور بانيبال بولاية عهد آشور. وعقد إتفاقيات متعددة مع أمراء الولايات والمدن في دولته أخذ عليهم فيها المواثيق بأسماء أربابه وأربابهم أن يظلوا مخلصين لولده هذا قلبًا وقالبًا وإلا حاق الشر بهم في الحياة وبعد الممات هم وكل أهلهم[4]. وليس ما يعرف إن كان قد فعل ذلك إيثارًا منه لابن زوجة على ابن زوجة أخرى، [1] Luckenbill. Op. Cit. Ii, 547. [2] See, Anet, 298, 300. [3] J.B Bury, Op. Cit, 111-112. [4] D.J.Wiseman "The Vassal-Treaties Of Esarhaddon', Iraq, 1958; R. Borger, Za, 1961. 173-69; Anet, 1968, 534-41.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 525