نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 523
ولم تخل روايات الآشوريين عن بقية ثورات فلسطين من طرافة، حين تحدثت عن صدقيا ملك عسقلان الذي أبى أن ينحني للملك الآشوري على حد قولها، وألب عليه جيرانه، فأسره هو وأهله وأعقابه الذكور. وتحدثت عن أهل عقرون الذين خلعوا ملكهم بادي صنيعة الآشوريين وسلموه إلى حزقيا اليهودي فسجنه، وعندما استرد سينا خريب سيطرته على عقرون أراد أن يكون عادلًا من وجهة نظره، فأمر بقتل الموظفين والنبلاء الذين اشتركوا في خلع ملكهم وتعليق جثتهم على الأعمدة حول مدينتهم، واكتفى باعتبار المواطنين العاديين المتهمين بمشايعة الثوار الكبار، أسرى حرب، ثم غض الطرف عن بقية الجماهير التي لم يثبت عليها سوء السلوك[1]، على حد تعبير نصوصه.
ودافعت صيدا وصور عن كيانهما التجاري المستقل ضد سينا خريب، ولم يكتف لولي ملك صيدا بمحاولة تحقيق استقلال دولته، وإنما حاول أن يعيد إلى حوزتها تلك المنطقة القبرصية التي أعلن حكامها الولاء لسرجون، ولكن محاولته لم تجد أمام قوة آشور، ففر إلى قبرص حيث مات بها. وعين الملك الآشوري خلفًا له على صيدا يدعى إيثت بعل[2]. أما صور فقد استعصت أسوارها عليه حتى وفاته.
ولم تيأس المدينتان، فاستمر فضالهما، في عهد آشور أخادين "681 - 668ق. م". ولكن فشل مسعاهما نتيجة لعدم تكافؤ القوى بينهما وبين خصومهما، فدك الآشوريون أسوار صيدا ومبانيها، وتعقبوا ملكها عبدى ميلكرته في البحر حتى أسروه، وكلفوا أعدادًا كبيرة من سكان السواحل الفينيقيين وبقايا الحيثيين ببناء مدينة جديدة حلت محلها ونسبوها إلى ملكهم فسموها "كار آشور أخادين"، ثم زودوا هذه المدينة الجديدة بمهاجرين من أهل الجبال وساحل الخليج العربي. وادخروا نهاية قاسية لملك صيدا وأحد حلفائه الأشداء في جنوب آسيا الصغرى "سامواري ملك كوندي وسيزو في كيليكيا" فقطعوا رأسيهما وعلقوهما في عنقي أميرين من أهل صيدا وساقوهما في موكب النصر بنينوى وسط أصوات المزامير[3]، وظلت نصوص الملك الآشوري تؤكد سلطانه على ملوك جزر البحر[4].
ووجد آشور أخادين متعة كبيرة في تكليف اثنين وعشرين حاكمًا من حكام بلاد الشام وآسيا الصغرى وقبرص، بتوريد كل ما يتطلبه بناء قصره في نينوى ابتداء من الأحجار، وتعمد كتبته أن يسجلوا هذا التكليف في نصوصهم بصورة توحي بأن الحكام كانوا يشاركون في عملية نقل المواد المطلوبة بأنفسهم "مع ما في ذلك من مشقة بالغة"[5]. ولم تكن الجيوش الآشورية أقل شدة، أو أقل نشاطًا من وجهة نظرها، في معاملة القبائل العربية مما سنتعرض له بالتفصيل في بحث تاريخ شبه الجزيرة العربية. [1] Luckenbill. Op. Cit. [2] Ibid. Ii, 574; Annales Of Senacherib 76 F. [3] Luckenbill, A. R. Ii 527; R. Campell Thompson, The Prisme Of Esadrhaddon And Of Ashur Bmupal, 1931, 16. [4] J. Bury, History Of Greace, 1959, 219, N 1. [5] R. Campell Thompson, Op. Cit.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 523