نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 521
القدماء عن غير قصد، مما فعله الإلاميون معهم في نهاية القرن الثاني ق. م حينما دمروا عاصمتهم وحرموها كنوزها وآثارها حتى الحجرية منها "كنصب تشريعات حمورابي وأمثاله"[1].
وظلت انتصاراته على سوسه هذه مجالًا خصبًا لتصورات فنانيه، فأخرجوا لوحات كبيرة مبدعة صوروا فيها ساحة الحرب تموج بالهرج والمرج، يقتتل فيها المشاة والخيالة وفرسان العربات، يدقون الرءوس بالمقامع ويطعنون النحور والظهور بالحراب والسهام ويحزون الرقاب بالسيوف والخناجر. ويهرع بعضهم لنجدة بعض، وينحني بعضهم على جثة قتيل ليسلبه خوذته وسلاحه وجعبة سهامه، بينما يجثو بعض المغلوبين طلبًا للرحمة، ويلقي بعضهم بنفسه في النهر التماسًا للنجاة. وصوروا القلاع فوق قمم الجبال وعند ملتقى الأنهار يهدمها الغزاة ويشعلون النار فيها، فيغادرها أهلها ليلحقوا بأفراد جيشهم الذين ركبهم اليأس وساروا مشاة وفرسانًا يستحث بعضهم بعضًا، وقد تكدس شيوخهم وأطفالهم فوق عربات مرتفعة متسعة لكل منها عجلتان كبيرتان وجواد واحد يستحثه سائقه بصوت طويل. ثم صوروا العاصمة سوسه خاوية على عروشها إلا من أطلال البيوت والنخيل، بيضية يحيط بها خندق ومجرى ماء، ويقع على مبعدة منها نهر كرخا وقد امتلأ مجراه بجثث القتلى والخيول الشاردة والنافقة وبقايا العربات المحطمة. وخرج من المدينة المستضعفون من أهلها رجالًا ونساءً شيوخًا وصغارًا، يصفق بعضهم وينشدون نشيدًا مغتصبًا على أنغام الأوتار ليداروا به بطش الفاتحين، ويمشي بعضهم رافعين أكفهم في ضراعة رتيبة ذليلة، بحيث تحافظ الأم على رفع يدها والتمتمة بفمها بينما تمسك طفلها بيدها الأخرى وتنظر إليه حسيرة كسيرة الفؤاد، أو تنظر إلى من يسير خلفها تسأله عما سيئول إليه مصيرها ... أما رأس تيومان ملك إلام فكانت أداة رصع الفنانون بها صورهم الغريبة، فصوروا ملكهم يقطعها بيده في ساحة القتال، وصورها معلقة في رقبة حليفة دونانو الجمبولي الذي اقتيد إلى العاصمة بعد أن قطع لسانه وسلخ جلده، ثم ذبح كما تذبح الخراف، وصورها مرة ثالثة تتدلى من شجرة في مجلس شراب مولاهم.
غير أن انتصار آشور على إلام لم يكن خيرًا كله، فقد تحملت إلام حتى ذلك الحين كبح جماح بقية العشائر الإيرانية من ورائها، ولا سيما الجبلية منها، فلما انزاح هذا الحاجز بزوالها، وقع العبء على آشور وحدها فأحست بأن زيادة التوسع أصبحت تؤدي إلى زيادة المشاكل أمامها.
مع مصر والشام:
رأينا في سياق بحثنا للتاريخ المصري في صفحة 294 وما تلاها، كيف ادعت نصوص الآشوريين أنهم انتصروا على جيوش مصر وحلفائها في الشام انتصارًا مستمرًا، بينما خالفتها قصص التوراة ونصوص المصريين في بعض ما ادعته لأهلها. وأن القصة بدأت بعد أن هاجمت جيوش سينا خريب مملكة العبرانيين [1] Frankfort, The Art And Architecture ... , Pls. 103-107.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 521