responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح    جلد : 1  صفحه : 519
مع بابل:
سوف نعود إلى تفاصيل العلاقات الآشورية البابلية في تقديمنا لبابل الكلدانية بعد قليل، وتكفي الإشارة هنا إلى أنه عز على بابل أن تنجب زعيمًا من أهلها الأصيليين يستعيد لها مجدها القديم، فتعاقب على حكمها في عهد سينا خريب الآشوري ما لا يقل عن ستة ولاة ليس فيهم بابلي أصيل، وأن هذا الملك لجأ في تعقب أحد حكامها الكلدانيين بعد فراره بأعوانه إلى الشاطئ العيلامي، إلى إنشاء أول أسطول حربي كبير في تاريخ الآشوريين، اشترك في إنشائه صناع من صيدا وصور وقبرص، وعملوا فيه عامًا كاملًا على ضفاف دجلة والفرت، ونقلوا جزءًا منه على طريق البر، وعبر الآشوريون وحلفاؤهم به الخليج العربي وهزموا خصومهم، ثم أتى دور بابل نفسها فخربها رجال سينا خريب تخريبًا عنيفًا وسلطوا مياه نهر الفرات على أنقاضها حتى أغرقوها في عام 689ق. م. وبمنطق المنتصرين المعوج، لم يتورع ابن سينا خريب عن تبرير هذا التخريب على حساب البابليين المغلوبين بقوله: "لقد كانوا من قبل يذلون الضعيف وشاع الطغيان في مدينتهم والرشا والنهب. وكان الولد يسب أباه في الطريق، والعبد يهين مولاه، والجارية تعصي سيدتها ... ، ولقد عطلوا القرابين، ووضعوا أيديهم على كنوز إساجيل معبد الأرباب، وباعوا الفضة والذهب والأحجار الكريمة منه إلى عيلام ... ، فغضب مردوك إنليل الآلهة، ودبر أمره على قهر هذا البلد وتشتيت أهله".
وكان قتال الآشوريين للكلدانيين في شط العرب بالجنوب موضوعًا للوحة حية صور فنانها منطقة المناقع بأسماكها وحيواناتها المائية الصغيرة، تتخللها أحراج القصب المرتفعة التي آوى الكلدانيون إليها وتجمعوا فيها في جماعات صغيرة يتداولون مصيرهم. وصور قتالًا عنيفًا في مراكب من البوص المجدول المكسو بالقار، وصور السبايا الكلدانيات بثياب طويلة كاسية وشعور مرسلة يستعطفن الغازين1 "وتشبهن للغرابة هيئة الإغريقيات في المناظر اليونانية القديمة".
وانكمشت بابل العظيمة على نفسها، حتى ولي عرش آشور، آشور أخادين، وكان فيما يبدو من أم بابلية، وربما ولاه أبوه نائب ملك على بابل في حياته، فانصرفت عواطفه إليها وشجع على إحيائها وولى عليها ولده الأكبر شمش شوموكين، وتجاوز عن سلطان الكلدانيين في أرض البحر مع طاعتهم لولده[2]. وربما لم يفعل ذلك بدافع العاطفة وحدها، وإنما بدافع الرغبة أيضًا في التفرغ لتنفيذ حلمه الكبير بغزو مصر. واستقر الأمير الآشوري شمش شوموكين ببابل فترة طويلة ونهض بها خلال حياة أبيه وبعد وفاته، ثم استغل إمكانياته ونفوذه فيها في التضييق على أخيه الأصغر آشور بانيبال الذي نازعه عرش آشور بعد مقتل أبيه، وضم إليه حلفًا قويًّا من العيلاميين والأمراء الكلدانيين في أرض البخر، ولفيفًا من السوريين وأمراء البدو المتذمرين. ولكن ميزان القوى انقلب إلى جانب أخيه الصغير فشددت

1 Layard, Monuments Of Nineveh, I, Pl. 25
[2] Harper, Op. Cit, No. 839
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح    جلد : 1  صفحه : 519
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست