نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 419
طبيعي خاشع لطيف تكاد تشف عباءته الثمينة عن عضلات بدنه، ولم يعبها بعض الشيء غير اتساع محجري العينين واتصال الحاجبين، وهو اتساع اتصفت به أغلب تماثيل العراق. والطريف أن من تماثيله الجالسة ما تتشابه بعض تفاصيله مع تفاصيل التماثيل المصرية في عصور الدولة الوسطى وما تلاها، من حيث نقش نصوص رأسية فوق الجزء الأسفل من ثوبه، ووضع مسطح مستطيل على ركبتيه تضمن في إحدى المرات تصميمها لمعبد وتصوير لوحة "مسطرة" وقلم؛ ثم من حيث نقش اسمه داخل مستطيل على كتفه[1].
أقيمت أغلب تماثيل جوديا في معبد لجش الكبير، وأقيمت في فنائه عدة نصب، وتركت تحت أحجار أساسه آثار صغيرة منقوشة. واتسعت سطوح تماثيل جوديا تلك ونصبه وسطوح الصولجانات ورءوس المقامع التي أهداها إلى هذا المعبد، وإلى بقية معابد دولته، لتسجيل آيات تقواه إزاء أربابه ولا سيما نين جيرسو إله لجش الذي اعتبره ربه وملكه، واعتبر نفسه إنسيا له، روى كتبته فيها على لسانه اهتمامه باستيراد أحجار مختلفة الأنواع والألوان، ومعادن مختلفة القيم وأخشاب، عن طريق البر والنهر والبحر من أرض إلام "عيلام" وعاصمتها سوسه، ومن ماجان وملوخا، ومن كيماش وجبل الأرز وجبل الصنوبر، لصالح معبد لجش بوجه خاص، وأكد أنه التزم في تجديد هذا المعبد وبناء مقاصيره وصناعة رموز معبوده وأسلحته ما جرى به العرف القديم وما أوصى به المعبودان نين زاجا، ونين سيكيلا[2].
وتحدثت نقوش الرجل عن فضل أربابه في منع طغيان الفرات على أرضه. وروت أنه رأى ذت مرة في رؤياه معبوده على هيئة شيخ متوج تسمو هامته إلى كبد السماء، يحيط به أسدان وحمار رابض وشمس مشرقة، وسيدة تمسك قلمًا مع لوحة النجم السعيد، ومعبود في إهاب محارب ظهر كأنه يخطط تصميم معبد. واستفتى جوديا وحي أربابه "أو على الأصح استفتى كهنتهم" في تأويل رؤياه، فأتاه وحي ربته نينا بأن الإله المتوج هو نين جيرسو، وأن الشمس ترمز إلى ربه نين جيزيدا، وأن السيدة ذات القلم واللوحة هي نيسابا، وأن المعبود في هيئة المحارب هو نندوب، وأن الرؤيا إيحاء له بإعادة بناء معبد نين جيرسو بعد خرابه في عهد الفوضى، وأما الحمار المضجع فهو جوديا نفسه! ويبدو أن الرجل كان لا يزال بحاجة إلى آية أخرى فسوف في الأمر حتى حل القحط بأرضه فاتجه بدعائه إلى نين جيرسو، وأتاه نداء ربه بأنه إذا بدأت يمينه في تأسيس معبد فلسوف ترقى الصرخة إلى السماء من أجل الرياح والأمطار، ولسوف تسقط السماء حينئذ فيضها بعد أن يضع الرب قدمه على الجبل العالي، جبل العاصفة، ولسوف ينزل الفيضان من قمة مقدسة شاهقة الارتفاع[3]. وعندما تم بناء المعبد أكدت نصوص الملك حسن معاملته لمن اشتركوا في بناءه من رعاياه، وأشركتهم في ثوابه، فتحدثت عن انتفاء الضرب واللكز، وقالت إنهم كانوا يعتبرون عملهم قربانًا لربهم[4]. [1] Frankfort, Op. Cit., Pl. 46; Parrot, Op. Cit., Pl. Xvi D. [2] G.A. Barton, Op, Cit., 181 F., 201 F., 205 F.; L. Oppenheim, Op. Cit., 268-269. [3] G.A. Barton, Op. Cit., 214-217; Lambert And Tournay, Rb, 1948, 403 F.; Ra, 1952, 81. [4] Barton, 182-183; Frankfort, Kingship And The Gods, 255.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 419