نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 412
قوية استمرت تعتلي العرش نحوًا من قرن ونصف قرن. ويغلب على الظن أنه حدثت في عهده محاولة من أقدم المحاولات لتقريب أسماء الشهور في المدن العراقية من بعضه البعض تمهيدًا لتوحيد التقاويم فيها وإن لم يقدر لهذه المحاولة استمرار طويل. ولا يقل عن ذلك كله أهمية أنه وبعض خلفائه الأقربين كانوا أول من حققوا لبلاد النهرين نفوذًا خارجيًّا سيطرت به على بعض ما يجاور حدودها من مناطق وجماعات[1].
ومع ذلك كله انتهت حياة سرجون السياسية على غير ما توقعه لنفسه، فنشبت ضده ثورات عدة، وأيدت هذه الثورات جماهير سهل سوبارتو، وبلغ من عنف الثوار أن حاصروا عاصمته، ولكنه قاومهم بجيشه وشتت شملهم ثم انتقم من مدنهم. وعندما ابتغت نصوص خلفائه أن تجد تفسيرًا للمتاعب التي واجهها في خواتيم عمره، ردتها إلى انتقام إلهي. وذكرت أنه كان قد نكل بمدينة بابل مدينة الرب مردوك في ثورة غضبه وأزال أساساتها الموسومة باسمه ثم أعاد بناءها على هواه، فغضب مردوك عليه وابتلى قومه بالمجاعة وفرق شملهم من حوله وقضى عليه بعدم الراحة "في قبره"[2]. ولا يعنينا من هذا التفسير الديني إلا اعتباره صورة من تخيلات الشعوب القديمة عن أسباب زوال الدول، وبخاصة أن عبادة مردوك لم يكن لها شأن كبير في أيام وأن نصوص سرجون صورته حريصًا على التقرب من أربابه واعتبرته رئيس كهنة إشتار، والكاهن المنتخب للإله آنو ملك الأرض، والإنسي العظيم لإنليل. وذكرت أنه ركع ذات مرة في صلاته أمام المعبود داجان[3]، كما نصب ابنته كاهنة لإله القمر ننار في أور.
لم تنته القلاقل في الدولة الأكدية بانتصارات سرجون العجوز، وإنما استمرت في عهود خلفائه واستنفذت بعض جهود دولتهم، فاشتبكت جيوش ولده " ... " في فترة حكمه القصرة مع مدن أور وأوما ولجش ودير عواصم الحضارة السومرية الأولى[4]. وإن كان صراع جيوشه معها لم يصرفه عن أن يؤكد انتسابه إلى أرباب مدينة "كيش" السومرية القديمة، فاستمسك بلقب "شارو - كيس شاتيم" وهو لقب وصل بينه وبين ربها "آن" وحاشيته، ولم يصرفه كذلك عن مواصلة جهود أبيه في مجالات التوسع الخارجي، فشنت جيوشه حروبًا ظافرة على أرض في عيلام[5]. ثم وصل خليفته "مانيشتوسو" سياسته وادعت نصوصه أن جيوشه هاجمت حلفًا من اثنين وثلاثين أميرًا على الشاطئ العيلامي لتأمين استغلال مناجم الفضة القريبة منه.
غير أن أكبر من يقرنه التاريخ بسرجون من رجالات أسرته هو حفيده البعيد نرام سين "ربما بمعنى حبيب سين إله القمر" الذي أكمل آماله بعزيمة راسخة، وتوفر له عهد حكم طويل استمر نحو 36 عامًا، [1] H.E. Hirsch, Die Insehriften Der Konige Von Agad, Afo, Xx, 1963, 1-82. [2] Brit. Mus. 26, 472; E. Ebeling, Op. Cit., 336 L. Oppenheim, Op. Cit., 266; F.F. Weidner, Archiv Fur Orientforschumg, Xiii “1940-1944”, 236, N. 26. [3] E. Ebeling, Op. Cit.; L. Oppenhiem, Op. Cit., 268. [4] زعمت نصوصه أن ضحايا هذه المدن السومرية بلغوا 8040 رجلًا مرة، و8900 مرة أخرى، غير أعداد الأسرى من المرتين. [5] ديلابورت: المرجع السابق - ص34.
6 V. Scheil, Map, Ii, 1-52; Risa, 129-31; G. Roux, Op. Cit., 144.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 412