نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 310
وتغلب الثوار على جزء من الجيش الفارسي وقتلوا قائده والي مصر وشقيق ملك الفرس، وأجبروا بقية وحداته على التراجع إلى منف. واستعدادًا لمرحلة تالية، وخوفًا من أن يستغل الفرس سيطرتهم على منف في حرمان الثوار من معونات الصعيد، خرج زعيم الثورة بالمقاومة عن نطاقها الإقليمي، فحالف أثنيا في عهد بريكليس، ووجدت أثينا في هذا الحلف فرصة لزيادة وارداتها من الغلال المصري، ولمضايقة أعدائها الفرس الذين كانوا ينافسونها في قبرس، فأمدت الثوار بأسطول روى المؤرخون الإغريق أنه بلغ ما بين 200 و300 سفينة من ذوات الثلاث طبقات من المجاذيف، وليس من ضرورة للأخذ بحرفية هذا العدد الكبير من السفن، ويكفي القول بأنه كان أسطولًا كبيرًا. ونجح الأحلاف في استرجاع أغلب استحكامات منف من أيدي الفرس. وهنا جند الملك الفارسي جانبًا كبيرًا من إمكانيات دولته لخنق الثورة، ووجه لهذا الغرض جيشًا ضخمًا ذكر الإغريق أنه بلغ 300 ألف مقاتل "وهو عدد مبالغ فيه"، وأغرى إسبارطه عدوة أثينا اللدود بمقادير ... كبيرة من الفضة لكي تشغل أثنيا بالحرب وتصرفها عن مساعدة المصريين. وتم هذا كله وهزم الفرس الأحلاف واسروا زعيم الثورة ثم قتلوه في عاصمتهم، وحصروا الإغريق في جزيرة بالنيل منذ عام 456 حتى عام 454ق. م. وتحت وطأة الحصار، ونتيجة لتأخر المدد الأثيني، ولاستعانة الفرس برجال البرح الفينيقيين في تحطيمه، تهاوى بحاره الإغريق واستطاع بعضهم الفرار إلى برقة[1]. ولكن الثورة المصرية لم تمت، وتسلم رايتها أمير سايس، أمون حر "أو أمير يتايوس كما سماه بعض مؤرخي الإغريق" أكبر أعوان الزعيم المقتول، لبضع سنوات، وجرب حظه في التحالف مع أثينا، فوعدته بإرسال ستين سفينة. ولكن مشاكلها الخاصة جعلتها تسترجع أسطولها قبل أن يصل الشواطئ المصرية، ثم ما لبثت أن عقدت مع الفرس معاهدة كالياس في عام 449 - 448ق. م، وتناست خليفتها مصر[2]، مما أدى إلى إضعاف الثورة وإن لم يقض على بذورها.
وجرب الفرس سياسة المسالمة، فعينوا ابني زعيمي الثورة في منصبي والديهما بالدلتا، ولكن هذا لم يؤد الغرض منه، فحاول أحدهما "وهو بسماتيك أو آمون حر الثاني؟ " استئناف النضال، وفاوض الأثينيين بعد صلحهم المؤقت مع إسبارطه عام 445ق. م، على أن يمدهم بما بين 30 و40 ألف مكيال من الغلال، في مقابل نجدة عسكرية، وذلك مما يعني أن مساعدات الإغريق كانت تشترى ويجند بها المرتزقة، كما تعني ضخامة كمية الغلال التي عرضها سعة الأراضي التي سيطر عليها. ويبدو أن الغلال وصلت أثينا ولكن نجدة أثينا لم تصل إلى مصر[3]. [1] Herodotus, Ii, 41, 140, 165, Iii, 12-15; Vii, 7, 15; Thucydides, I, 104, 109, 110, 129; Diodorus, Xi, 71, 77; Kientiz, Op. Cit., 69. [2] Thucydides, I, 112; Plutarch, Cimon, 18; J.B. Bury, History Of Greece, 3rd Ed., 360. [3] Herodotus, Iii, 15; Plutarch, Pericles, 37.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 310