نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 156
اتجاه القلة المستنيرة من المصريين دون كثرة المتشككين والمتزمتين والمحافظين. وعلى أية حال فثمة حقيقة واضحة يمكن أن تستنتج من كثرة هذه الاتجاهات، وهي دلالتها على مرونة العقائد المصرية القديمة وعدم التزامها صفة الجمود التي اعتادت أغلب المؤلفات الحديثة على أن تلصقها بها.
أسهبنا في الاستشهاد ببعض المثل العليا التي تضمنتها تعاليم خيتي في العصر الأهناسي، أو على الأصح بعض المثل العليا التي كان المصلحون ينادون بها في عهده. غير أنه لم يكن من المتوقع أن تطبق أمثالها في الحياة العامة بحذافيرها أو يلتزم الحكام بها التزامًا تامًّا فيما بينهم وبين المحكومين، وإنما كان شأنها شأن المثل العليا في كل مجتمع وزمان، بل وشأن المثل العليا في كل الأديان، ينادي المصلحون بها ثم يتفاوت الناس في مقدار تطبيقهم لها. وقد صورت هذه الأوضاع بشقيها، أي المثل العليا ومدى تطبيق الحكام لها، قصة تسمى اصطلاحًا باسم قصة "القروي الفصيح" ألفها أديب في العصر الأهناسي أو فيما بعده بقليل؛ ليصور بها ما هو كائن فعلًا في عصره من أوضاع الحكم والإدارة، ويعقب عليها بما يرجو المصلحون أن يسود عصره من أوضاع مستحبة بين الحكام والمحكومين، مما سوف نعرضه في تفصيل في حديث الأدب.
عصر الانتقال الأول بين دورتين تاريخيتين
...
عصر الانتقال بين دورتين تاريخيتين:
لم يطل الأمد بالمجد الأهناسي، وبدأت أهناسيا تفقد استقرارها واضطرت إلى أن تقنع بالقليل من سلطانها منذ عهد ملكها خيتي الخامس1 "؟ "، بعد أن طغى عليها نفوذ منافستها طيبة التي تعاقب على عرشها فرعونان طموحان، وهما مونتوحوتب سعنخ إب تاوي، ومونتوحوتب نب حبة رع، وحاول كل منهما أن يخضع أهناسيا لنفوذه المباشر وتطلع إلى إعادة وحدة البلاد تحت رايته، وذلك ما سوف نبدأ به الفصل التالي، ونسبقه الآن بأن ثانيهما حقق أمله حوالي عام 2052ق. م وترتب على نجاحه في توحيد مصر تحت سلطانه أن انتهى عصر اللامركزية بعد أن استمر نحو قرن ونصف قرن، وبعد أن مثل فترة انتقال اضطرارية بين عصور الدولة القديمة وبين عصور الدولة الوسطى، وبمعنى أوضح مثل فترة انتقال من وحدة سياسية قديمة غالبة، إلى تفرق ولا مركزية، ثم إلى وحدة سياسية أخرى جديدة، ومثل فترة انتقال من المنعة القومية القديمة، إلى التفكك والتنازع الداخلي، ثم إلى منعة أخرى وقوة جديدة، ومثل فترة انتقال من أوضاع وتقاليد اجتماعية وسياسية ودينية معينة، إلى أوضاع جديدة سواها اختلفت عنها في بعض أمورها واتفقت معها في بعض آخر. ومثل فترة انتقال من إمكانيات مادية واسعة توفرت للدولة بمجموعها وللقائمين على أمرها، إلى إمكانيات إقليمية محدودة بالحدود التي امتد إليها سلطان حكامها، ثم إلى إمكانيات أخرى واسعة
1 F. Vogelsan G Und A.H. Gardiner, Die Klagen Des Bauern, Leipzif, 1908 ; Ganrdiner, "The Eloquest Peasant", Jea, Ix, 5 F.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 156