قينقاع، والنضير، وقريظة، وما دأبوا عليه من الغدر والمكر والخيانة، الأمر الذي اضطره إلى إجلاء بعضهم وقتل البعض الآخر، فلم نسمع أن يهود خيبر تحركوا لنصرة يهود يثرب أو الوقوف معهم. غاية ما في الأمر أنهم قبلوا بعضهم لاجئين في بلدهم، ومن هنا بدأ موقف يهود خيبر يتغير، أو قل: إن الذين لجؤوا إليهم من يهود المدينة- خاصة من بني النضير- قد أفسدوهم، وغيروهم وحولوا خيبر إلى وكر خبيث للكيد وتدبير المؤامرات والمكائد ضد الإسلام. وهنا كان لا بد من العقاب فقرر النبي صلّى الله عليه وسلم غزو خيبر، وبعد أن غزاهم وانتصر عليهم، كان رحيما معهم فلم يصنع بهم ما صنع مع يهود المدينة، بل صالحهم على نصف ثمار بلدهم، وأبقاهم فيها وأعطاهم أمانا، وهذا يدل على أنهم لم تكن لهم مواقف عدائية سابقة مع الدعوة، فقدّر لهم النبي صلّى الله عليه وسلم هذا واكتفى بتأديبهم وكسر شوكتهم [1] . [1] انظر تفاصيل غزوة خيبر في: ابن هشام- المصدر نفسه (3/ 378) وما بعدها.