عليه السلام أحب زوجة قائده أوريا، وإنه عمل على التخلص منه حتى قتل، فتزوجها داود بعده، ربما عملوا مقارنات ومعادلات بينها وبين ما زعموه في قصة زواج النبي صلّى الله عليه وسلم من زينب» [1] .
هذا الذي لفقه وزوره يوحنا الدمشقي؛ الذي يوصف بالقديس، عن النبي صلّى الله عليه وسلم في زواجه من زينب بنت جحش قد يظنه بعض الناس أمرا هينا، ولكنه عند الله عظيم، فهو تشويه لصورة النبي صلّى الله عليه وسلم الذي يعد المثل الأعلى لكل مسلم، وإذا شوهت صورة النبي المعصوم، فماذا يبقى للمسلمين من قيم وأخلاق؟!.
يقول الأستاذ عباس محمود العقاد في هذا الصدد [2] : «وما اتفق خصوم الإسلام عن سوء نية على شيء كما اتفقوا على خطة التبشير في موضوع زواج النبي صلّى الله عليه وسلم على الخصوص، فكلهم يحسب أن المقتل الذي يصاب منه الإسلام في هذا الموضوع هو تشويه سمعة النبي صلّى الله عليه وسلم، وتمثيله لأتباعه في صورة معينة، لا تلائم شرف النبوة، ولا يتصف صاحبها بفضيلة الصدق في طلب الإصلاح، وأي صورة تغنيهم في هذا الغرض الأثيم كما تغنيهم صورة الرجل الشهواني الغارق في لذات الجسد، العازف في معيشته البيتية ورسالته العامة عن عفاف القلب والروح؟! وإنهم لعلى صواب في الخطة التي تخيروها لإصابة الإسلام في مقتل من هذا الطريق الوجيز، وإنهم لعلى أشد الخطأ في اختيارهم هذه الخطة بعينها، إذ إن جلاء الحقيقة في هذا الموضوع أهون شيء على المسلم العارف بدينه، المطلع على سيرة نبيه، فإذا بمقتله المظنون حجة يكتفي بها المسلم، ولا يحتاج إلى حجة غيرها لتعظيم نبيه، وتبرئه دينه من قالة السوء الذي يفترى عليه، فلا حجة للمسلم على صدق محمد صلّى الله عليه وسلم في رسالته أصدق من سيرته في زواجه وفي اختيار زوجاته، وليس للنبوة آية أشرف من آيتها في معيشة نبي الإسلام من مطلع حياته إلى يوم وفاته، ما الذي يفعله الرجل الشهواني الغارق في لذات الجسد إذا بلغ من المكانة والسلطان ما بلغه محمد في قومه؟ لم يكن عسيرا عليه أن يجمع إليه أجمل بنات العرب، وأفتن جواري الفرس والروم على تخوم الجزيرة العربية، ولم يكن عسيرا عليه أن يوفر لنفسه ولأهله من الطعام والكساء والزينة ما لم يتوفر لسيد من سادات الجزيرة في زمانه، فهل فعل محمد ذلك بعد نجاحه؟ هل فعل ذلك في مطلع حياته؟ كلا لم يفعله قط، بل [1] د. زاهرى عواض الألمعي- مع المفسرين والمستشرقين في زواج النبي صلّى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش (ص 29، 30) . [2] حقائق الإسلام وأباطيل خصومه (ص 59- 62) .