فليس سرّا أن بعض البلاد العربية البترولية كانت تساعد طرفي النزاع ليستمر النزاع وسفك الدماء أطول فترة ممكنة؛ لأن هذه مشيئة الأمريكان، وهل هناك دولة عربية تستطيع أن تقول لأمريكا: لا؟
مرة أخرى نحن لا نحاكم العرب الآن فسيحاسبهم التاريخ لا محالة لكننا- كما قلت سابقا- نظهر الدور الغربي بصفة عامة والدور الأمريكي بصفة خاصة في تدمير العالم الإسلامي ولن نستشهد بكلام أحد في إثبات ذلك الدور سوى كلام الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون فهو يعترف بذلك الدور صراحة، بل يشيد بسياسة الرئيس الأمريكي الأسبق أيضا ريجان؛ لأنه هو الذي عاصر الحرب الإيرانية العراقية (1980- 1988 م) وهندس سياسة أمريكا نحوها يقول نيسكون: «كثير من المراقبين أنصار العودة إلى الماضي يدينون سياسة الولايات المتحدة أثناء الحرب بين إيران والعراق، وهم يعبرون عن الصدق لأننا ساعدنا بالتناوب أحد الجانبين، ومن ثم الآخر، حسب مد المعركة، وهم على حق جزئيّا فقط، إن مصالحنا تطلبت ألا يخرج أحد من الجانبين كمنتصر حقيقي. وإن إدارة ريجان تصرفت بصورة صحيحة في اللعب على الجانبين وفي السماح ببيع أسلحة إلى العراق، كان الخطأ في تجاوز الكميات المطلوبة للحد من قدرات إيران الهجومية، مما مكن صدام حسين لكي يصبح قادرا على التهديد العسكري بعد الحرب. يجب أن تحتفظ بمساحة متعمدة عند الدخول في تعاون تكتيكي لا يمكن تجنبه، مع مثل هذه الأنظمة، إن الدرس القاسي من تجربتنا مع العراق هو أن صديق اليوم الضمني يمكن أن يصبح عدو الغد اللدود وبالنسبة لحالة صدام حسين، فقد تكلف 100- مائة- بليون دولار، و 148 ضحية أمريكية لتصحيح الخطأ» [1] .
هذا اعتراف صريح بالدور الأمريكي في إشعال الحرب الإيرانية العراقية واستمرارها، والخطأ الوحيد فيها حسب رأي نيكسون أن العراق خدع أمريكا وخزن أسلحة مكنته من الإقدام على جريمته الثانية الأشد حمقا والأكثر ضررا للأمتين العربية والإسلامية، هي جريمة غزو الكويت أو ما سمي بحرب الخليج الثانية. [1] ريتشارد نيكسون- انتهزوا الفرصة (ص 48، 49) وهو يشير بذلك إلى تكاليف حرب الخليج الثانية، أو ما سمي بعاصفة الصحراء لإخراج صدام حسين من الكويت.