يشكل أي خطر لنا على الأمد الطويل، بعد تفككه ونهاية حكم الملك حسين، وانتقال السلطة إلى الأغلبية الفلسطينية.
وذلك أمر يجب أن يسترعي انتباه السياسة الإسرائيلية، فمعنى هذا التغيير هو حل مشكلة الضفة الغربية ذات الكثافة السكانية العربية الكبيرة، فهجرة هؤلاء العرب شرقا- إما بالسلم أو بالحرب- وتجميد نموهم الاقتصادي والسكاني هو الضمانات الأكيدة للتحولات المقبلة. وعلينا أن نبذل قصارى جهدنا للإسراع بتلك العملية.
وينبغي رفض خطة الحكم الذاتي، وأية خطوة أخرى تتضمن حلّا وسطا أو تعايشا وتصبح بالتالي عقبة في سبيل فصل الأمتين ويجب أن يفهم العرب الإسرائيليون- أي الفلسطينيون- أنه لا يمكن أن يكون لهم وطن إلا في الأردن ولن يعرفوا الأمن إلا بالاعتراف بالسيادة اليهودية على كل ما يقع بين البحر ونهر الأردن» [1] . هذه مقتطفات من ذلك المقال الخطير الذي يشرح ما تبيته السياسة الإسرائيلية للأمة العربية، من أجل أن تبقى الدولة اليهودية وتتوسع وتزدهر وتهيمن وتسيطر على المنطقة العربية برمتها، وإذا حدث ذلك، تستطيع السيطرة على العالم الإسلامي كله، واليهود لا يخفون تطلعاتهم تلك بل يعلنونها في كل مناسبة، وهذا أمر لا نستبعد حدوثه لهشاشة النظم في العالم الإسلامي وقابليتها الكبيرة للاختراق- على غرار نظرية مالك بن نبي- قابلية الاستعمار- وإذا قلنا: إن هذا هو فحوى السياسة الإسرائيلية ونواياها السيئة نحو الأمة العربية- حتى بعد بدء عملية السلام. ومن أكبر دولة عربية هي مصر- فإن هذه هي الترجمة الحقيقية للسياسة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية نحو الأمة العربية، فكل ما تخطط له إسرائيل لمستقبل المنطقة يكون ليس فقط بموافقة أمريكا، بل بمباركتها ودعمها السياسي والعسكري والاقتصادي اللامحدود. وهناك تطابق كامل بين السياسة الإسرائيلية والسياسة الأمريكية نحو المنطقة، حتى أن بعض الباحثين العرب- إدوارد سعيد- لا يرى فرقا بين إسرائيل وأمريكا، ولذلك اخترع اسما جديدا لهما معا فقال بحق عنهما:
إسرائيكا، بل إن بعض الباحثين يري أنه ليس هناك سياسة أمريكية فيما يتعلق بالأمة العربية، بل هي سياسة إسرائيلية تباركها وتساعد على تنفيذها أمريكا. [1] روجيه جارودي- ملف إسرائيل، دراسة للصهيونية العالمية- ترجمة مصطفى كامل فودة، إصدار دار الشرق بالقاهرة- الطبعة الثانية (1404 هـ/ 1984 م) مقتطفات من (ص 161- 164) نقلا عن محمد قطب- واقعنا المعاصر (ص 532- 534) .