ابن زفر العدوي، وأبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد، وأبي بكر محمد بن السري، المعروف بابن السراج، وأبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج.. وغيرهم، وقيل: إنه سمع من أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، ومال بطبعه إلى اللغة وعلوم الأدب، فبرع فيها، واستكثر منها، وأقام ببغداد خمسا وعشرين سنة، ثم خرج منها قاصدا إلى المغرب في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، في أيام عبد الرحمن الناصر، وكان ابنه الأمير أبو العاص الحكم بن عبد الرحمن أحب ملوك الأندلس للعلم، وأكثرهم اشتغالا به، وحرصا عليه، فلتقاه بالجميل، وحظي عنده وقرب منه، وبالغ في إكرامه، يقال: إنه هو كان قد كتب إليه، ورغبه في الوفود عليه، واستوطن قرطبة، ونشر علمه بها، وكان إماما في علم اللغة متقدما فيها، متقنا لها، فاستفاد الناس منه، وعولوا عليه، واتخذوه حجة فيما نقله، وكانت كتبه على غاية التقييد والضبط والإتقان، وقد ألف في علمه الذي اختص به تواليف مشهورة، تدل على سعة روايته، وكثرة إشرافه، وأملى كتابا سماه «النوادر» يشتمل على أخبار وأشعار ولغة، وسمع منه جماعات وحدثوا عنه، منهم: أبو محمد عبد الله بن الربيع بن عبد الله التميمي ... » ا. هـ. فنجتزئ بهذا القدر من ترجمة الحميدي لأبي علي القالي؛ لأنها طويلة حيث جاءت في نحو خمس صفحات. مما يدل على أهمية القالي وأهمية علمه؛ لأن الحميدي من أصحاب الإيجاز في الترجمة، فبعض الترجمات عنده لا تزيد على بضعة سطور، وخلاصة ما تبقى من الترجمة أن أبا علي القالي جمع عالم المشرقيين في اللغة والأدب وسافر بعلمه إلى الأندلس، فنشر ما شاء الله أن ينشر في الأندلس، واشتهر بأماليه [1] . وكان أثيرا لدى الخليفة الحكم المستنصر.
قوائم العلماء المشرقيين الذين ارتحلوا إلى الأندلس طويلة، لا في العلوم العربية والإسلامية فحسب، بل في العلوم الطبية وغيرها [2] .
ولا يتسع المقام هنا لإيراد المزيد، ولكن لا يتم الكلام في هذا المجال دون إشارة [1] راجع أحمد أمين- ظهر الإسلام، الطبعة الرابعة، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة (1966 م) ، (2/ 22) . [2] راجع كتب طبقات الأطباء مثل كتب ابن أبي أصيبعة عيون الأنباء في طبقات الأطباء، وابن جلجل- كتاب طبقات الأطباء والحكماء، وكتاب صاعد الأندلسي- طبقات الأمم لاستقصاء أخبار الأطباء المشرقيين الذين رحلوا إلى الأندلس.