من سمات الحضارات الإنسانية الحية.
ومن الطريف أيضا أنه قيل: إن المبعوث الإمبراطوري كان مكلفا من الإمبراطور شخصيّا بمهمة سرية في بغداد، وهي الاتصال بالقائد البيزنطي مانويل، الذي كان قد هرب إلى بغداد في وقت سابق ووعده بالعفو عنه إن عاد إلى القسطنطينية، ويبدو أن المبعوث الإمبراطوري قد نجح في تلك المهمة السرية، حيث عاد مانويل فعلا إلى بيزنطة هكذا كانت الوفود والبعثات لا تكف عن التردد بين أكبر عاصمتين لأكبر دولتين في العصور الوسطى، بغداد والقسطنطينية محملة بالهدايا والطرف من هنا وهناك، وفي ختام هذا البحث أرجو أن أكون قد وفقت في إلقاء بعض الضوء على صفحة من العلاقات بين المسلمين والبيزنطيين، لا زالت في حاجة إلى مواصلة البحث والتنقيب للعثور على المزيد من الاتصالات والمبادلات في الميادين السلمية بين الطرفين، لتزيل من الأذهان تلك الأفكار التي ترسبت فيها، بأن علاقات الدولتين كانت كلها حروبا وسفك دماء وتعصبا، ولا شك في أن إبراز تلك الجوانب الطيبة من العلاقات الودية وحسن الجوار والجنوح إلى التعايش السلمي، وجو التسامح الذي كان يسود في كثير من الأحيان، لا شك أن كل ذلك يسهم في صياغة علاقات حسنة بين الشرق الغرب في عصرنا الحاضر، نحن أحوج ما نكون إليها، فلا أحد يجني الخير من العداء والتعصب، بل الخير كل الخير للإنسانية كلها في التسامح وتبادل المنافع وإشاعة روح الود والتعاطف بين أبناء آدم، وهذه كلها أمور تحثنا عليها أدياننا السماوية.
كما لا يفوتني أن أقدم الشكر وافرا وجزيلا لجامعتي فلورنسا والأزهر على عقد هذه الندوة ونرجوهما المزيد.
وعلى الله قصد السبيل ومنه العون والتأييد.