الحضرمي، وأثار فيه جذوة الثأر لمقتل أخيه- عمرو بن الخضرمي- «فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم صرخ: وا عمراه!! وا عمراه!! فحميت الحرب وحقب أمر الناس [1] واستوسقوا على ما هم عليه من الشر، فأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة» [2] وهكذا استغلت هذه الحادثة في إشعال أول معركة بين المسلمين والمشركين، وهي معركة بدر الكبرى.
وخلاصة القول: إن سرية عبد الله بن جحش كانت نهاية مرحلة، هي المرحلة التي بدأت مع الهجرة، وهي مرحلة الدراسة والاستعداد والتدريب على القتال، وجمع المعلومات والأخبار عن قريش، واستطلاع الطرق والمسالك التي تسلكها، وإقامة محالفات وصداقات مع القبائل ذات الشأن في منطقة الساحل التي تطرقها قريش، لإحكام حلقة الحصار عليها، لإجبارها على الإذعان والتسليم.
وكما رأينا فقد كان الطابع العام للسياسة النبوية تجاه قريش في هذه المرحلة التلويح بالقوة، وإفهامها أنها ليست مستبعدة عند اللزوم، فلما جاءت سرية عبد الله ابن جحش آذنت بنهاية المرحلة السابقة وبداية مرحلة جديدة، هي مرحلة الحرب الصريحة المكشوفة مع قريش التي بدأت ببدر الكبرى، ولم تنته حتى أذعنت قريش، ودخل رسول الله مكة ظافرا منتصرا في رمضان من العام الثامن للهجرة. [1] حقب أمر الناس أي: اشتدّ، واستوسقوا أي: اجتمعوا. [2] ابن هشام (2/ 264) .