قال أبو عبيدة: فأما يزيد بن المهلب فإنه أعطى الناس، وهؤلاء لم يعطوا أحداً شيئاً، قال: ولم يقدر تميماً كلها إلا الأضبط ابن قريع بن عوف بن كعب بن سعد ذهب فجاء بألف فيهم ابن عبد مناة من اليمن، وكانوا قد انتموا منهم إلى كسع، قالوا: تيم الله بن كسع ثم نمرة بن حمان ابن عبد العزى جاء بهم أيضاً. قال جرير:
لم تشكروا نمراً إذ فككم نمر ... وابنا قريع من الحي اليمانينا
فانقادت تميم لزرارة بن عدس يوم شويحط يوم لقى قضاعة وانقادت في الإسلام مضر كلها للأحنف بن قيس والمسور بن عباد والحريشي بن هلال بخراسان. الكلبي قال: ولد عبد الملطلب عشرة يأكل الجذعة ويشرب الفرق يرد أنوفهم الماء قبل شفاههم، قال: وكان حرب ابن أمية أول من سن مهور قريش اثنتي عشرة أوقية فلم تزل بذلك حتى جاء الله بالإسلام. وهو أول من أتى قريشا بالماء العذب ينقله إليهم وكانوا قبل ذلك يشربونه من الآبار. ولم تكن قرشية تفك عنها درعها حتى يأذن لها حرب بن أمية. وكان أول من فتح الباب عند حضور الطعام، وكان يوقد للطواف في الليلة القرة.
قال وكان سعيد بن العاص ساد قريشاً فقيل لابن عباس: وما بلغ من سؤدده؟ قال: كان إذا اعتم بعمامة لم يعتم بمثلها، ولا على لونها، وكان إذا جلس لا يجلس معه أحد، فإذا احتبى لم يمر بين يديه وإذا ركب لم يركب معه أحد. الكلبي قال: كان بعض ملوك العجم غزا معداً فأحجموا عنه فانتدب منبه بن سعد أبو باهلة فدلف فإذا هو مع أصحابه في خلوة قد كفر في كهف عظيم، فأخذ برأس الغار فدخن عليهم فماتوا جميعا لم ينج منهم أحد فسمى منبه أعصر.
والأعصر: الدخان. وكانت العرب تسمى غنياً وباهلة ابني دخان. وقال منصور أبو سليم:
أنا وجدنا أعصر بن سعد
ميمن البيت رفيع المجد
أبارد الأسوار عن معد
يونس عن أبي عمرو بن العلاء وغيره من أهل العلم، قالوا: مضر الحمراء: أهل العالية كنانة وأسد وهذيل ومن علا من قيس كانوا يتخذون قباب الأدم فسموا بها الحمراء، وكانت امرأة من بني سليط تزوجها رجل من عليا مضر فسقها إلى قومه فلما هلك عنها رجعت إلى أهلها بقية لها فسميت الحمراء، فتزوجها عتيبة بن الحارث بن شهاب فولدت ربيعاً، ويقال له ربيع بن حمراء.
أبو عبيدة قال: تفخر مضر على الناس بتسع خصال: النبوة وبيت الله الحرام، والمهاجرين، والأنصار أنصارهم، والخلفاء وافتتاح البلاد، وأمراء الثغور، وكل شريف من غير مضر فهم شرفوه، قال: وسأل معاوية ليلى الأخيلية عن مضر فقالت: فاخر بقريش، وكاثر بتميم، والق بقيس، قال: وسال معاوية ليلى الأخيلية أيضاً عن مضر فقالت: قريش سادتها وقادتها، وقيس فرسانها وخطاطيفها، وتميم كاهلها وكرشها.
قال: وحدثني رجل من قريش بالمدينة أن رجلاً دخل على معاوية ابن أبي سفيان فقال له: ممن أنت؟ فقال: من مضر.
فقال: أمن أئتمنها؟.
قال: لا.
قال: فمن أعنتها؟.
قال: لا.
قال: فمن أركانها؟.
قال: لا.
قال: فمن لسانها؟.
قال: نعم.
قال: أنت من بني أسد بن خزيمة.
وزعم أبو اليقظان أن الحجاج سأل مثجور بن غيلان الضبي عن تميم، فقال: حنظلة أكرمها وفوداً، وأخشنها خدوداً، وسعد أكثرها عديدا وأعظمها جدودا، وعمرو بن تميم أعظمها أحلاماً وأكثرها حكاماً، والرباب أكرمها صلاحاً وأحدها رماحا.
وذكر لي غير واحد عن الخنساء أنه قال كان حنظلة بن ربيعة بن أخي أكثم بن صيفي يكتب لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ادع قومك على أسمائهم فقال: أين حنظلة: الآسرون، أين سعد: الأثرون، ثم سكت حتى ظننا أنه لا يتكلم ثم قال: أين الصميم، عمرو ابن تميم. قال: وحدثني رجل من أهل الشام بالمدينة أن معاوية أيضاً قال لحنظلة أيضاً: ادع قومك على أسمائهم، فقال: أين حنظلة الأكرمون، أين سعد الأكثرون، أين عمرو الأخرصون.
قال أبو عبيدة: جمع فرسان من بني تميم من البطش والقوة ما لم تجمعه أحد من العرب منهم: زهير بن ذؤيب العدوي، وعباد بن حصين الحبطي، والحريش بن هلال القريعي، وشعبة بن ظهير وطريف بن تميم العنبري، وغيرهم. ولهم يقول ابن عرادة:
فوارس مثل شعبة أو زهير ... ومثل العنبري مجربينا