responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 614
وَالنَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَاسْتَصْوَبُوا رَأْيَ ابْنِ عَوْفٍ. فَقَالَ عُمَرُ: فَمَنْ تَرَى أَنْ نَبْعَثَ إِلَى الْعِرَاقِ؟ فَقَالَ: قَدْ وَجَدْتُهُ. قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: الْأَسَدُ فِي بَرَاثِنِهِ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الزُّهْرِيُّ. فَاسْتَجَادَ قَوْلَهُ وَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدٍ، فَأَمَّرَهُ عَلَى الْعِرَاقِ، وَأَوْصَاهُ فَقَالَ: يَا سَعْدَ بَنِي وُهَيْبٍ، لَا يَغُرَّنَّكَ مِنَ اللَّهِ أَنْ قِيلَ: خَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ. فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ نَسَبٌ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، فَالنَّاسُ شَرِيفُهُمْ وَوَضِيعُهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ سَوَاءٌ ; اللَّهُ رَبُّهُمْ، وَهُمْ عِبَادُهُ، يَتَفَاضَلُونَ بِالْعَافِيَةِ وَيُدْرِكُونَ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالطَّاعَةِ، فَانْظُرِ الْأَمْرَ الَّذِي رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ بُعِثَ إِلَى أَنْ فَارَقَنَا فَالْزَمْهُ ; فَإِنَّهُ الْأَمْرُ، هَذِهِ عِظَتِي إِيَّاكَ، إِنْ تَرَكْتَهَا وَرَغِبْتَ عَنْهَا حَبِطَ عَمَلُكَ وَكُنْتَ مِنَ الْخَاسِرِينَ. وَلَمَّا أَرَادَ فِرَاقَهُ قَالَ لَهُ: إِنَّكَ سَتُقْدِمُ عَلَى أَمْرٍ شَدِيدٍ، فَالصَّبْرَ الصَّبْرَ عَلَى مَا أَصَابَكَ وَنَابَكَ تُجْمَعْ لَكَ خَشْيَةُ اللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ خَشْيَةَ اللَّهِ تَجْتَمِعُ فِي أَمْرَيْنِ ; فِي طَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَإِنَّمَا طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ بِبُغْضِ الدُّنْيَا وَحُبِّ الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا عِصْيَانُ مَنْ عَصَاهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا وَبُغْضِ الْآخِرَةِ، وَلِلْقُلُوبِ حَقَائِقُ يُنْشِئُهَا اللَّهُ إِنْشَاءً، مِنْهَا السِّرُّ وَمِنْهَا الْعَلَانِيَةُ ; فَأَمَّا الْعَلَانِيَةُ فَأَنْ يَكُونَ حَامِدُهُ وَذَامُّهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً، وَأَمَّا السِّرُّ فَيُعْرَفُ بِظُهُورِ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ، وَبِمَحِبَّةِ النَّاسِ، فَلَا تَزْهَدْ فِي التَّحَبُّبِ، فَإِنَّ النَّبِيِّينَ قَدْ سَأَلُوا مَحَبَّتَهُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا حَبَّبَهُ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا بَغَّضَهُ، فَاعْتَبِرْ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ اللَّهِ بِمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ النَّاسِ. قَالُوا: فَسَارَ سَعْدٌ نَحْوَ الْعِرَاقِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ ; ثَلَاثَةِ آلَافٍ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 614
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست