responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 361
يُوحَى إِلَيْهِ، وَكَانَتِ الْغَمَامَةُ تُظِلُّهُ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ، فَهَذَا أَشَدُّ فِي الِاعْتِنَاءِ، وَأَظْهَرُ مِنْ غَمَامٍ يُظِلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرَهُمْ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ تَظْلِيلِ الْغَمَامِ إِنَّمَا كَانَ لِاحْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الدَّلَائِلِ حِينَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ لِيُسْقَوْا لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجُوعِ وَالْجَهْدِ وَالْقَحْطِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا» ". قَالَ أَنَسٌ: وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ، فَأُنْشِأَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتًا، وَلَمَّا سَأَلُوهُ أَنْ يَسْتَصْحِيَ لَهُمْ، رَفَعَ يَدَهُ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» . فَمَا جَعَلَ يُشِيرُ بِيَدَيْهِ إِلَى نَاحِيَةٍ إِلَّا انْجَابَ السَّحَابُ، حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْإِكْلِيلِ، يُمْطَرُ مَا حَوْلَهَا وَلَا تُمْطَرُ. فَهَذَا تَظْلِيلُ غَمَامٍ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ آكُدُ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْفَعُ مِنْهُ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ وَهُوَ يُشِيرُ أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزِ وَأَظْهَرُ فِي الِاعْتِنَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا إِنْزَالُ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى عَلَيْهِمْ فَقَدْ كَثَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي غَيْرِمَا مَوْطِنٍ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ إِطْعَامِهِ الْجَمَّ الْغَفِيرَ مِنَ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ، كَمَا أَطْعَمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مِنْ شُوَيْهَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَصَاعِهِ الشَّعِيرِ أَزْيَدَ مِنْ أَلْفِ نَفْسٍ جَائِعَةٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَأَطْعَمَ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست