responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 16  صفحه : 756
اتَّفَقَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَمْرٌ عَجِيبٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ انْهَزَمُوا عَنِ السُّلْطَانِ خُوَارِزْمِ شَاهْ فِي بَعْضِ الْمَوَاقِفِ، وَبَقِيَ هُوَ وَمَعَهُ عِصَابَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَتَلَ مِنْهُمُ الْكُفَّارُ مِنَ الْخِطَا مَنْ قَتَلُوا، وَأَسَرُوا خَلْقًا مِنْهُمْ، وَكَانَ السُّلْطَانُ خُوَارِزْمُ شَاهْ فِي جُمْلَةِ مَنْ أُسِرَ، أَسَرَهُ رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ الْمَلِكُ، وَأَسَرَ مَعَهُ أَمِيرًا يُقَالُ لَهُ: ابْنُ مَسْعُودٍ. فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ وَتَرَاجَعَتِ الْعَسَاكِرُ الْإِسْلَامِيَّةُ إِلَى مَقَرِّهَا، فَقَدُوا مِنْ بَيْنِهِمُ السُّلْطَانَ، فَاخَتَبَطُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَاخْتَلَفُوا اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَانْزَعَجَتْ خُرَاسَانُ بِكَمَالِهَا، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ السُّلْطَانَ قَدْ قُتِلَ.
وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ السُّلْطَانِ وَذَاكَ الْأَمِيرِ ; فَإِنَّ الْأَمِيرَ قَالَ لِلسُّلْطَانِ: إِنِّي أَرَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنْ تَتْرُكَ الْمُلْكَ عَنْكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَتُظْهِرَ أَنَّكَ غُلَامٌ لِي. فَقَبِلَ مِنْهُ مَا أَشَارَ بِهِ، وَجَعَلَ يَخْدُمُهُ، وَيُلْبِسُهُ ثِيَابَهُ، وَيَسْقِيهِ وَيَضَعُ الطَّعَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا يَأْلُو جُهْدًا فِي خِدْمَتِهِ، فَقَالَ الَّذِي أَسَرَهُمَا: إِنِّي أَرَى هَذَا يَخْدُمُكَ، فَمَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ الْأَمِيرُ، وَهَذَا غُلَامِي، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلَا عِلْمُ الْأُمَرَاءِ بِأَنِّي قَدْ أَسَرْتُ أَمِيرًا لَأَطْلَقْتُكَ. فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا أَخْشَى عَلَى أَهْلِي، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنِّي قَدْ قُتِلْتُ وَيُقِيمُونَ الْمَأْتَمَ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُفَادِيَنِي عَلَى مَالٍ، وَتُرْسِلَ مَنْ يَقْبِضُهُ مِنْهُمْ فَعَلْتَ خَيْرًا. فَقَالَ: نَعَمْ. فَعَيَّنَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ أَهْلِي لَا يَعْرِفُونَ هَذَا، وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ أُرْسِلَ مَعَهُ غُلَامِي ; لِيُبَشِّرَهُمْ بِحَيَاتِي، وَيَأْمُرَهُمْ بِتَحْصِيلِ الْمَالِ. فَقَالَ: نَعَمْ. فَجَهَّزَ مَعَهُمَا مَنْ يَحْفَظُهُمَا إِلَى مَدِينَةِ خُوَارِزْمَ.
فَلَمَّا اقْتَرَبُوا مِنْ مَدِينَةِ خُوَارِزْمَ سَبَقَهُ الْمَلِكُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ فَرِحُوا فَرَحًا شَدِيدًا، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ فِي سَائِرِ بِلَادِهِ، وَعَادَ الْمُلْكُ إِلَى نِصَابِهِ، وَاسْتَقَرَّ السُّرُورُ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 16  صفحه : 756
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست