responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 16  صفحه : 688
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ بِبِلَادِ خُرَاسَانَ وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ فَخْرَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الرَّازِيَّ أُسْتَاذَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي زَمَانِهِ وَفَدَ إِلَى الْمَلِكِ غِيَاثِ الدِّينِ الْغُورِيِّ صَاحِبِ غَزْنَةَ، فَأَكْرَمَهُ وَبَنَى لَهُ مَدْرَسَةً بِهَرَاةَ، وَكَانَ أَكْثَرُ الْغُورِيَّةِ كَرَّامِيَّةً ; فَأَبْغَضُوا الرَّازِيَّ وَأَحَبُّوا إِبْعَادَهُ عَنِ الْمَلِكِ، فَجَمَعُوا لَهُ جَمَاعَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ، وَخَلْقًا مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَحَضَرَ ابْنُ الْقَدْوَةِ، وَكَانَ شَيْخًا مُعَظَّمًا فِي النَّاسِ، وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ كِرَامٍ وَابْنِ الْهَيْصَمِ، فَتَنَاظَرَ هُوَ وَالرَّازِيُّ، وَخَرَجَا مِنَ الْمُنَاظَرَةِ إِلَى السَّبِّ وَالشَّتْمِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَقَامَ وَاعِظٌ فَتَكَلَّمَ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا لَا نَقُولُ إِلَّا مَا صَحَّ عِنْدَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا عِلْمُ أَرِسْطَاطَالِيسَ وَكُفْرِيَّاتُ ابْنِ سِينَا وَفَلْسَفَةُ الْفَارَابِيِّ، فَلَا نَعْلَمُهَا، وَلِأَيِّ حَالٍ يُشْتَمُ بِالْأَمْسِ شَيْخٌ مِنْ شُيُوخِ الْإِسْلَامِ، يَذُبُّ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ. قَالَ: فَبَكَى النَّاسُ وَضَجُّوا، وَبَكَتِ الْكَرَّامِيَّةُ وَاسْتَغَاثُوا، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ خَوَاصِّ النَّاسِ، وَأَنْهَوْا إِلَى الْمَلِكِ صُورَةَ مَا وَقَعَ، فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ الرَّازِيِّ مِنْ بِلَادِهِ، وَعَادَ إِلَى هَرَاةَ ; فَلِهَذَا أُشْرِبَ قَلْبُ الرَّازِيِّ بُغْضَ الْكَرَّامِيَّةِ، وَصَارَ يَلْهَجُ بِهِمْ فِي كَلَامِهِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ، وَكُلَّمَا هَبَّتِ الصَّبَا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ الرِّضَا عَنِ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، شَيْخِ الْوُعَّاظِ فِي زَمَانِهِ وَبَعْدِهِ، وَقَدْ كَانَ أُخْرِجُ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى وَاسِطٍ فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سِنِينَ فَانْتَفَعَ بِهِ أَهْلُهَا وَاشْتَغَلُوا عَلَيْهِ وَاسْتَفَادُوا مِنْهُ، فَلَمَّا عَادَ إِلَى بَغْدَادَ خَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ وَأَذِنَ لَهُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى عَادَتِهِ عِنْدَ التُّرْبَةِ الشَّرِيفَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِقَبْرِ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، فَكَثُرَ الْجَمْعُ جِدًّا، وَحَضَرَ الْخَلِيفَةُ، وَأَخَذَ فِي الْعِتَابِ، وَأَنْشَدَ يَوْمَئِذٍ فِيمَا يُخَاطِبُ بِهِ الْخَلِيفَةَ:
لَا تُعْطِشِ الرَّوْضَ الَّذِي نَبْتُهُ ... بِصَوْبِ إِنْعَامِكَ قَدْ رُوِّضَا

نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 16  صفحه : 688
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست