responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 16  صفحه : 589
وَطَهُرَ الْمَكَانُ، فَكَانَ إِقَامَةُ أَوَّلِ جُمُعَةٍ فِيهِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ شَعْبَانَ، بَعْدَ يَوْمِ الْفَتْحِ بِثَمَانٍ، فَنُصِبَ الْمِنْبَرُ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ الْمُطَهَّرِ، وَبُسِطَتِ الْبُسُطُ الرَّفِيعَةُ فِي تِلْكَ الْعِرَاصِ الْوَسِيعَةِ، وَعُلِّقَتِ الْقَنَادِيلُ وَتُلِيَ التَّنْزِيلُ عِوَضًا عَمَّا كَانَ يُقْرَأُ مِنُ التَّحْرِيفِ فِي الْإِنْجِيلِ، وَجَاءَ الْحَقُّ وَبَطَلَتْ تِلْكَ الْأَبَاطِيلُ، وَصُفَّتِ السَّجَّادَاتُ وَكَثُرَتِ السَّجَدَاتُ، وَتَنَوَّعَتِ الْعِبَادَاتُ، وَأُدِيمَتِ الدَّعَوَاتُ، وَنَزَلَتِ الْبَرَكَاتُ، وَانْجَلَتِ الْكُرُبَاتُ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَوَاتُ، وَنَطَقَ الْأَذَانُ، وَخَرِسَ النَّاقُوسُ، وَحَضَرَ الْمُؤَذِّنُونَ وَغَابَ الْقُسُوسُ، وَطَابَتِ الْأَنْفَاسُ، وَاطْمَأَنَّتِ النُّفُوسُ، وَأَقْبَلَتِ السُّعُودُ وَأَدْبَرَتِ النُّحُوسُ، وَحَضَرَ الْعِبَادُ وَالزُّهَّادُ وَالْأَبْدَالُ وَالْأَقْطَابُ وَالْأَوْتَادُ، وَعُبِدَ الْوَاحِدُ، وَكَثُرَ الرَّاكِعُ وَالسَّاجِدُ، وَالْقَائِمُ وَالْقَاعِدُ، وَامْتَلَأَ الْجَامِعُ، وَسَالَتْ لِرِقَّةِ الْقُلُوبِ الْمَدَامِعُ، وَقَالَ النَّاسُ: هَذَا يَوْمٌ كَرِيمٌ وَفَضْلٌ عَظِيمٌ وَمَوْسِمٌ وَسِيمٌ، وَهَذَا يَوْمٌ تُجَابُ فِيهِ الدَّعَوَاتُ وَتُصَبُّ الْبَرَكَاتُ وَتَسِيلُ الْعَبَرَاتُ وَتُقَالُ الْعَثَرَاتُ، فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ لِلصَّلَاةِ وَقْتَ الزَّوَالِ، وَكَادَتِ الْقُلُوبُ تَطِيرُ مِنَ الْفَرَحِ بِتِلْكَ الْحَالِ، وَلَمْ يَكُنِ السُّلْطَانُ إِلَى تِلْكَ السَّاعَةِ عَيَّنَ خَطِيبًا، وَقَدْ تَهَيَّأَ لَهَا خَلْقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ خَوْفًا أَنْ يَدَّعِيَ إِلَيْهَا أَحَدُهُمْ فَلَا يَكُونُ نَجِيبًا، فَبَرَزَ لِلْخُطَبَاءِ الْمَرْسُومُ السُّلْطَانِيُّ الصَّلَاحِيُّ، وَهُوَ فِي قُبَّةِ الصَّخْرَةِ الْغَرَّاءِ، أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ الْيَوْمَ خَطِيبًا، فَلَبِسَ الْخِلْعَةَ السَّوْدَاءَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَقَدْ كَسَاهُ اللَّهُ الْبَهَاءَ، وَأَكْرَمَهُ بِكَلِمَةِ التَّقْوَى وَأَعْطَاهُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ وَالسَّنَاءَ، فَخَطَبَ بِالنَّاسِ خُطْبَةً عَظِيمَةً سَنِيَّةً فَصِيحَةً بَلِيغَةً، ذَكَرَ فِيهَا شَرَفَ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالتَّرْغِيبَاتِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الدَّلَائِلِ وَالْأَمَارَاتِ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْحَاضِرِينَ مِنْ هَذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي تَعْدِلُ الْكَثِيرَ مِنَ الْقُرُبَاتِ، وَقَدْ أَوْرَدَهَا الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي " الرَّوْضَتَيْنِ " بِطُولِهَا، فَكَانَ أَوَّلَ مَا قَالَ حِينَ تَكَلَّمَ:

نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 16  صفحه : 589
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست