responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 15  صفحه : 549
أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ عَلَى الْفَتَاوَى: كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الطَّيِّبِ الْحَنْبَلِيُّ. وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا. وَقَدْ كَانَ فِي غَايَةِ الذَّكَاءِ وَالْفِطْنَةِ، ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّ عَضُدَ الدَّوْلَةِ بَعْثَهُ فِي رِسَالَةٍ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ إِذَا هُوَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ بَابٍ قَصِيرٍ، فَفَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ أَنْ يَنْحَنِيَ كَهَيْئَةِ الرَّاكِعِ لِلْمَلِكِ، فَدَخَلَ الْبَابَ بِظَهْرِهِ وَجَعَلَ يَمْشِي الْقَهْقَرَى إِلَى نَحْوِ الْمَلِكِ، ثُمَّ انْفَتَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَعَرِفَ الْمَلِكُ مَكَانَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ، فَعَظَّمَهُ.
وَيُذْكَرُ أَنَّ الْمَلِكَ أَحْضَرَ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ آلَةَ الطَّرَبِ الْمُسَمَّاةِ بِالْأُرْغُلِ، لِيَسْتَفِزَّ عَقْلَهُ بِهَا، فَلَمَّا سَمِعَهَا الْبَاقِلَّانِيُّ خَافَ أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ حَرَكَةٌ نَاقِصَةٌ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ، فَجَعَلَ لَا يَأْلُو جَهْدًا أَنْ جَرَحَ رِجْلَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ الْكَثِيرُ، فَاشْتَغَلَ بِالْأَلَمِ عَنِ الطَّرَبِ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النَّقْصِ وَالْخِفَّةِ، فَعَجِبَ الْمَلِكُ مِنْ كَمَالِ عَقْلِهِ، ثُمَّ اسْتَكْشَفَ الْمَلِكُ عَنْ أَمْرِهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَرَحَ نَفْسَهُ بِمَا أَشْغَلَهُ عَنِ الطَّرَبِ، فَتَحَقَّقَ وُفُورَ عِلْمِهِ وَعُلُوَّ فَهْمِهِ.
وَقَدْ سَأَلَهُ بَعْضُ الْأَسَاقِفَةِ بِحَضْرَةِ مَلِكِهِمْ، فَقَالَ: مَا فَعَلَتْ زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ؟ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا فِيمَا رُمِيَتْ بِهِ مِنَ الْإِفْكِ؟ فَقَالَ مُجِيبًا لَهُ عَلَى الْبَدِيهَةِ: هُمَا امْرَأَتَانِ ذُكِرَتَا بِسُوءٍ ; مَرْيَمُ وَعَائِشَةُ، فَبَرَّأَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ ذَاتَ زَوْجٍ وَلَمْ تَأْتِ بِوَلَدٍ، وَأَتَتْ مَرْيَمُ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ. يَعْنِي أَنَّ عَائِشَةَ أَوْلَى بِالْبَرَاءَةِ مِنْ مَرْيَمَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فَإِنْ تَطَرَّقَ فِي الذِّهْنِ الْفَاسِدِ احْتِمَالٌ إِلَى هَذِهِ فَهُوَ إِلَى تِلْكَ أَسْرَعُ، وَهُمَا بِحَمْدِ اللَّهِ مُبَرَّأَتَانِ مِنَ السَّمَاءِ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

نام کتاب : البداية والنهاية - ط هجر نویسنده : ابن كثير    جلد : 15  صفحه : 549
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست