نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 94
إني رأيت فلا تظنوا غيره ... أن التورع عند هذا الدرهم
فإذا قدرت عليه ثم تركته ... فاعلم بأن تقاك تقوى المسلم
وقال أبو الشعثاء: لأن أتصدق بدرهم على يتيم ومسكين أحب إلى من حجة بعد حجة الإسلام.
كان أبو الشعثاء من الذين أوتوا العلم، وكان يفتى في البصرة، وكان الصحابة مثل جابر بن عبد الله إذا سأله أهل البصرة عن مسألة يقول: كيف تسألونا وفيكم أبو الشعثاء؟ وقال له جابر بن عبد الله:
يا ابن زيد إنك من فقهاء البصرة وإنك ستستفتى فلا تفتين إلا بقرآن ناطق أو سنة ماضية، فإنك إن فعلت غير ذلك فقد هلكت وأهلكت. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت أحدا أعلم بفتيا من جابر ابن زيد. وقال إياس بن معاوية: أدركت أهل البصرة ومفتيهم جابر بن زيد من أهل عمان. وقال قتادة لما دفن جابر بن زيد: اليوم دفن أعلم أهل الأرض. وَقَالَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قال أبو الشعثاء: كتب الحكم بن أيوب نفرا للقضاء أنا أحدهم- أي عمرو- فلو أنى ابتليت بشيء منه لركبت راحلتي وهربت من الأرض. وقال أبو الشعثاء: نظرت في أعمال البر فإذا الصلاة تجهد البدن ولا تجهد المال، والصيام مثل ذلك، والحج يجهد المال والبدن، فرأيت أن الحج أفضل من ذلك. وأخذ مرة قبضة تراب من حائط، فلما أصبح رماها في الحائط، وكان الحائط لقوم قالوا: لو كان كلما مر به أخذ منه قبضة لم يبق منه شيء. وقال أبو الشعثاء: إذا جئت يوم الجمعة إلى المسجد فقف على الباب وقل: اللَّهمّ اجعلني اليوم أوجه من توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأنجح من دعاك ورغب إليك. وقال سيار: حدثنا حماد بن زيد ثنا الحجاج بن أبى عيينة. قال: كان جابر ابن زيد يأتينا في مصلانا، قال: فأتانا ذات يوم وعليه نعلان خلقان، فقال: مضى من عمري ستون سنة نعلاى هاتان أحب إلى مما مضى منه إلا أن يكون خير قدمته. وقال صالح الدهان: كان جابر ابن زيد إذا وقع في يده ستوق كسره ورمى به لئلا يغر به مسلم. الستوق الدرهم المغاير أو الدغل، وقيل: هو المغشوش.
وروى الامام أحمد: حدثنا أبو عبد الصمد العمى حدثنا مالك بن دينار قال: دخل عليّ جابر ابن زيد وأنا أكتب المصحف فقلت له: كيف ترى صنعتي هذه يا أبا الشعثاء؟ قال: نعم الصنعة صنعتك، تنقل كتاب الله ورقة إلى ورقة، وآية إلى آية، وكلمة إلى كلمة، هذا الحلال لا بأس به.
وقال مالك بن دينار: سألته عن قوله تعالى إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ 17: 75 قال:
ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً 17: 75 وقال سفيان: حدثني أبو عمير الحارث بن عمير قال: قالوا لجابر بن زيد عند الموت: ما تشتهي وما تريد؟ قال: نظرة إلى الحسن. وفي رواية عن ثابت قال: لما ثقل على جابر بن زيد قيل له: ما تشتهي؟ قال نظرة إلى
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 94